1. الإدارة العامة

    صفحة منتديات زيزووم للأمن والحماية

  2. الإدارة العامة

    الصفحة الرسمية لمنتديات زيزووم للأمن والحماية الفيس بوك

  3. الإدارة العامة

    الصفحة الرسمية لمنتديات زيزووم للأمن والحماية التلكرام

مقال ويلك أيها الظالم من المظلوم

الموضوع في 'المنتدى الإســـلامي العــام' بواسطة أبـو حفـص, بتاريخ ‏يناير 12, 2018.

  1. أبـو حفـص

    أبـو حفـص زيزوومي VIP

    إنضم إلينا في:
    ‏فبراير 23, 2012
    المشاركات:
    4,811
    الإعجابات :
    4,169
    نقاط الجائزة:
    1,420
    الجنس:
    ذكر
    الإقامة:
    ~ * قلوب الأبرار * ~
    برامج الحماية:
    ESET
    نظام التشغيل:
    Linux


    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أمَّا بعد:


    فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - خلَق النَّاس في هذه الدُّنيا من ذكَر وأُنثى، وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارَفوا ويتآلَفوا، ويتعاوَنوا على البِرِّ والتَّقوى، وعلى الأمر بالمعْروف وأفعال الخير، وكذلِك لكَي يتعاوَنوا على دفْع الإثْم والعُدْوان، وعلى النَّهي عن المنكر وعن أفْعال الشَّرّ، فلا يتكبَّر أحدٌ على أحد، ولا يتجبَّر أحدٌ على أحد.


    ولقد أمر الخالقُ عبادَه هؤلاءِ عن طريق الأنبياء والمُرْسلين، وعن طريق المبشِّرين والمنذِرين بأَن يكونوا إخوةً متحابِّين فيما بينهم، تسُود بينهم علاقاتُ المحبَّة والشَّفقة والتَّراحُم، ولكنَّه في نفس الوقت حرَّم عليهم أمرًا، هذا الأمر هو صفة المُجْرمين، هذا الأمْر ما شاع في الأُمَّة إلاَّ هوى بها إلى أسفلِ السَّافلين، فكم من بيوتٍ عامرة، وكم من قصورٍ شامِخة تهدَّمتْ بسبب فِعْلهم لهذا الأمْر، وكم من أُسرةٍ كانت تظلُّها السَّعادة، وتسود بين أفرادِها المحبَّة والتَّعاون، فبسبب انتِشار هذا الأمر بينهم أحاط بها الشَّقاء، ونزلت بها المصائب والمِحن، هذا الأمر لخطورتِه؛ حرَّمه الله على نفسِه قبل أن يحرِّمَه على النَّاس، إنَّه الظُّلْم، وما أدراك ما هو الظُّلم؟


    الظُّلم ظلمات يوم القيامة، واسمع معي إلى كلام الله - تعالى - وهو يقول في الحديث القدُسي: ((يَا عِبَادي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسي وجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّمًا، فَلا تَظَالَمُوا))؛ رواه مسلم.

    فيا تُرى ما هو الظلم؟ الظُّلم هو مُجاوزة الحدود التي شرعها الله - عزَّ وجلَّ - والتَّطاوُلُ على الحرمات التي قدَّسها ربُّ الأرْباب؛ فتعْذيب المسلم ظُلْم، وسرِقةُ ماله ظُلْم، وقَذْفُ نسائِه ظلم، وقتْلُه ظُلْم، وليعلم الظَّالم أنَّ المظلوم في ذلك اليوم العصيب سيُوقفه أمام المحكمة الرَّبَّانيَّة الَّتي لا يُظلم فيها أحد، وسيَعْلَم الَّذين ظلَموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.
    أيُّها الظَّالم:


    أظننتَ أنَّ ظلمك للمسلمين والمسلمات؛ من ضَرْبٍ أو سبٍّ، أو شتْم أو تزوير، أو أكْل مالٍ بالباطِل أو أكْل مال يتيمٍ - سيضيع سُدًى؟! كلا، كلا؛ بل إنَّ الظّلم ظلمات يوم القيامة.


    فيا مَن دعاك منصِبُك، يا مَن دعاك كرسيُّك، يا مَن دعتْك صحَّتُك، يا مَن دعتْك قوَّتك وقدرتُك على ظُلم الضعفاء والفُقراء والمستضعفين من العباد، تذكَّر قدرة الله - جلَّ وعلا - واعْلمْ يقينًا بأنَّ الله هو الَّذي سيقتصُّ للمظْلوم من الظَّالمين، فاحذَرِ الظُّلْم بجميع أنواعه، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا؛ فإنَّه ظلمات يوم القيامة.

    يا مَن تعْتدي على جارك، إيَّاك الظُّلمَ، يا مَن تأكل أموال النَّاس بالباطِل، إيَّاك الظُّلْم، يا مَن تَحرم الإناثَ من الميراث وتُعْطي الذُّكور، إيَّاك الظُّلْم، يا مَن تؤْذي المسلمين، إيَّاك الظُّلم، يا مَن تُساعد على تعْذيب الأبرِياء وقتْلهم، إيَّاك الظّلم.


    ففي الصَّحيحين من حديث ابنِ عبَّاس أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لمَّا بعث معاذَ بن جبل إلى اليمن وصَّاه بالوصايا الغالية، وكان من بين هذه الوصايا أنْ قال له المصطفى - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّها لَيْسَ بَيْنَها وبَيْنَ اللَّهِ حِجابٌ)).

    بل ورد في الصَّحيحين من حديث أبي مُوسى الأشعري أنَّ الحبيب النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حتَّى إِذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ))، وقرأ النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قولَ الله - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

    بل تدبَّر معي جيِّدًا هذا الحديث الَّذي رواه ابن حبَّان عَنْ سيِّدنا جَابِرٍ، قالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - مُهَاجِرةُ البَحْرِ، قَالَ: ((ألا تُحَدِّثُونِي بِأعَاجِيبِ ما رَأَيْتُمْ بِأرْضِ الحَبَشَة!))، قالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلى يَا رَسُولَ اللَّه، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهابِينِهِم، تَحْمِلُ على رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فجَعَلَ إحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْها ثُمَّ دَفَعَها، فخَرَّتْ على رُكْبَتَيْها، فانْكَسَرَتْ قُلَّتُها، فلَمَّا ارْتَفَعَتْ الْتَفَتتْ إِليْهِ فقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ - يَا غُدَرُ - إذَا وَضَعَ اللَّهُ الكُرْسِيَّ وجَمَعَ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ، وتَكَلَّمَتِ الأيْدِي والأرْجُلُ بِما كَانُوا يَكْسِبُون، فسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أمْرِي وأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا! قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم -: ((صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لا يُؤْخَذُ لِضَعيفِهِم مِنْ شَديدِهِمْ؟!)).


    نعم والله، كيف يقدِّس الله أُمَّة لا يؤْخَذ من شديدِهم لضعيفِهم؟! وكيف يقدِّس الله أمَّة لا تُحترم فيها الكرامات، لا تُصان فيها الأعراض والأنساب؟! كيف يقدِّس الله أمَّة تُسفك فيها الدِّماء، ويتَّهم فيها البريء، ويبرَّأ فيها الظَّالم؟! أمَّة بهذه الأخلاقيَّات الفاسدة محكومٌ عليها في الدّنيا بالدَّمار، ومَحكوم على أفرادِها من أهل الظُّلم في الآخرة بالنَّار.


    لو نظرتَ - أخي المسلم - في مجتمع المسلمين اليومَ، ستجِد أنَّ الدّماء لا حُرمة لها، يُقتل كلّ يوم العشرات؛ بل المئات، الموت في بلاد المسلمين بالجملة، طوابير تُقْتَل ومن عامَّة النَّاس: نساء وشيوخ وأطفال دون استثناء، ضحايا التَّفجيرات على مدار السَّاعة ليلاً ونهارًا، علنًا وجهارًا، في الأسواق وفي المدارس والجامعات، نسف البيوت وتفْخيخها ثمَّ تفْجيرها على ساكِنيها، قتْل السجناء وتصْفيتهم إثر التَّعذيب وبأحدَث الطُّرق، حُرمة المسلم أصبحتْ لا قيمةَ لها، حُرمة المسلم أصبحتْ سِلْعة رخيصة في أسواقِنا.

    هذا ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - نَظَرَ يَوْمًا إلى الكَعْبةِ، فقَال: "ما أعْظَمَكِ وأعْظَمَ حُرْمَتَكِ! والمُؤْمِنُ أعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ"، بلْ قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((قتْلُ المؤْمِن أعظم عند الله مِن زوال الدُّنيا))؛ رواه النَّسائي.


    وهذه من علامات السَّاعة كما قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ))، قَالُوا: ومَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَال: ((القَتْلُ القَتْلُ))، وفي لفظ: ((لا يدْري القاتلُ فيم قَتَل، ولا يدري المقتولُ فيم قُتِل!))؛ رواه البخاري ومسلم.

    أنا أقول لكلّ مَن يقتل ويساعد في قتْل المسلمين الأبرياء - أقول لهم: أيُّها الظَّالمون، إن كُنتم تظنُّون أنَّكم ستنْجون من مَحاكِم الدُّنيا، فاعْلموا أنَّ هناك مَحكمةً أُخرى ليستْ فيها رشوة، وليستْ فيها واسطة ولا شفيع، تلك المحكمة التي شعارها: ﴿ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

    ولا تتصوَّر - أخي المسلم - أنَّ الله تعالى غافلٌ عن هؤلاء وعن أعمالهم، لا؛ بل إنَّ الله - تعالى - يعلم خائنةَ الأعيُن، إنَّ الله لا تَخفى عليه خافية؛ ولكنَّه يؤخِّرهم ويُمهلهم؛ لكي يزْدادوا آثامًا مع آثامِهم، ثمَّ يقول لهم هناك: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ﴾ [الصافات: 24].


    فيا ليت شِعْري ماذا سيكون جواب الظَّالم هناك؟! ماذا سيَكون جواب القاتِل في ذلك اليوم الَّذي يجيء المقتول المظْلوم آخذًا بتلابيب قاتِله، وأوداجُه تشخبُ دمًا حتَّى يأتيَ العرش، حتى يصل إلى المحكمة، فيقول المقتول: يا رب، سلْ هذا لِمَ قتلني، ما هو السَّبب الَّذي دفعه إلى قتْلي؟ فيسأله الله - عزَّ وجلَّ -: يا فلان، لِمَ قتلتَه؟ ما الَّذي دفعك إلى قتْلِه؟ فيقول هذا الظَّالم: يا ربّ، قتلتُه لتكون العزَّة لفلان، قتلته لأنال رضا فلان، قتلتُه من أجْل أن أنال منصبًا من فلان، قتلتُه لتكون العزَّة لفلان، فيقول له الله - تعالى -: تعِست؛ بل العزَّة لي، خذوه إلى النَّار، ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].


    أيها الظالم، اسمع إلى هذا الحديث الَّذي يرويه مسلم في صحيحِه: سأل النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يومًا أصحابه، فقال: ((أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟)) قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فقَالَ: ((إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِه، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضَى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ)).


    تأمَّل معي أيّها المسلم، لقد صلَّى وزكَّى وصام، ولكن مع ذلك ها هم المظْلومون يظهرونَ له يوم القيامة، يجرُّونه جرًّا ليقفوه بين يدَي الله - جلَّ وعلا -: هذا يجرّه من ظهْرِه، وهذا يجرُّه من لحيته، وهذا يجرّه من يَمينه، وهذا يجرُّه من يساره، فإذا أوقفوه بين يدَي الله، يقول أحد المظْلومين: يا ربّ، هذا شتمني، والآخر يقول: يا رب، وهذا ظلَمني، والآخر يقول: يا ربّ، هذا اغتابني، والآخر يقول: يا ربّ، هذا غشَّني في البيع والشِّراء، والآخر يقول: يا ربّ، هذا وجدني مظلومًا وكان قادرًا على دفْع الظُّلم، فجامل ونافق الظَّالمَ وتركني، والآخر يقول: يا ربّ، هذا جاورني فأساء جواري، والآخر يقول: يا ربّ، هذا عذَّبني وقتلني...

    سترى كلَّ مَن ظلمتَه في الدُّنيا متعلِّقًا بك بين يدَي الملك - جلَّ وعلا - يُطالِب بحقِّه وأنت واقف، فيقال: خُذوا من حسناتِه، فتنظر إلى صحيفتِك الَّتي بين يديْك، فتراها قد خلَتْ من الحسنات التي تعِبت في تَحصيلها طوال عمرِك، فتصرخ وتقول: أين حسناتي؟! أين صلاتي؟! أين زكاتي؟! أين قرآني؟! أين طاعتي؟! أين؟! أين؟! أين...؟!

    أتعرف أين هِي يا مسكين؟! لقد نُقلت إلى صحائف مَن ظلمْتَهم في الدُّنيا، والآن فنِيت حسناتُك، وبقي أهل الحقوق يُنادون على الله - جلَّ وعلا - أن يُعطيهم حقوقَهم منك، فيأمر الحقُّ - سبحانه - أن يؤخَذ من سيئاتِ مَن ظلمتَهم في دنياك؛ لتُطرح عليك ثمَّ تُطرح في النَّار، قال الحقُّ - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [إبراهيم: 42 - 52].


    فإذا كان الأمر كذلك، فلا بدَّ من الحذَر من الظُّلم، وأن نقِف مع أنفُسِنا وقفة مراجعة ونسأل أنفُسَنا: ما هو حالُنا في بيتنا؟ وفي وظيفتِنا؟ وفي الموقع الَّذي نكون فيه، هل نحن من الظَّالمين أو المظْلومين؟
    اعلم - أيّها الظَّالم - أنَّ الدّنيا لن تدومَ لأحد، وأنَّ المال لا يدوم لأحد، وأنَّ الصّحَّة لا تدوم لأحد، وأنَّ المنصب لا يدوم لأحد، ولو دام لغيرك ما وصل إليك، واعلم أنَّك ستموت وستَتْرك الدنيا وستقِف يوم القيامة أمام الله - تعالى.


    هذه نصائحُ قدَّمتها لكلّ ظالم؛ لعلَّه ينتهي عن ظلمه، وأقول للمظْلوم: إنَّ الله معك، وهو ناصِرُك في الدّنيا والآخرة.

    وأختِم كلامي بما ذكرتْه كتُب السِّيرة والتَّاريخ، بأنَّ خالد بنَ يَحيى البرمكي لمَّا نكب، وكان وزيرًا، سُجِن هو وابنه، ولمَّا كانا في السّجن، وهما مصفَّدان مغلولان مقْهوران مأْسوران، قال الابن لأبيه: يا أبتِ، بعد العزِّ أصبحْنا في القَيد والحبْس، بعْد الأمْرِ والنَّهي صِرْنا إلى هذا الحال! فقال: يا بُنَيَّ، دعوة مظلوم سرت بلَيْل، ونحن عنها غافلون، ولم يغفل الله عنْها.


    لا تَظْلِمَنَّ إِذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا

    فَالظُّلْمُ آخِرُهُ يُفْضِي إِلَى النَّدَم
    تَنَامُ عَيْنُكَ وَالمَظْلُومُ مُنْتَبِهٌ [​IMG]
    يَدْعُو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللَّهِ لَمْ تَنَمِ

    واللهَ أسألُ أن يُجنِّبنا وجميعَ إخوانِنا المسلمين الظُّلْم، وأن يوفِّقَنا للعدْل والإنصاف، وأن يؤمِّن المسلمين في أوطانهم، وألاَّ يُسلِّط عليهم عدوًّا من غير أنفُسِهم، وأن يقيَهُم شرَّ أنفُسِهم.


    وصلَّى الله وسلَّم وبارك على محمَّد وآله وصحْبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، والسَّلام.


    ......................................

    الشيخ محمد جمعة الحلبوسي.

    شبكة الألوكة.

     
  2. راجية الجنة

    راجية الجنة مُديرة عامّة طـــاقم الإدارة ★ نجم المنتدى ★ عضو المكتبة الإلكترونية نجم الشهر عضوية موثوقة ✔️

    إنضم إلينا في:
    ‏نوفمبر 9, 2015
    المشاركات:
    11,951
    الإعجابات :
    40,338
    نقاط الجائزة:
    21,745
    الجنس:
    أنثى
    الإقامة:
    الدُّنيا ظلّ زائل
    برامج الحماية:
    AVG
    نظام التشغيل:
    Windows XP
    بسمِ الله الرّحمن الرّحيم
    وعليكمُ السّلامُ ورحمةُ الله تعالى وبركاتهً
    ::

    ما شاء الله!
    مقالٌ قيّم؛ دعى لخيرِ القيمِ!
    نسألُ اللهُ تعالى؛
    أن يَجعلنا من حُقوقِ عبادهِ في حلّ.
    و" الظّلمُ ظُلماتٌ يومَ القِيامةِ ".

    ::
    تذكيرٌ وطيبُ توجيهٍ؛
    لكنّا علّ لا نُلقي لمِثل ذلكَ بالاً.

    أحسنتُم.
    جعلَ اللهُ تعالى ذلك لإخوتي شاهدًا، ونفع بهمُ.
     
    أعجب بهذه المشاركة أبـو حفـص
  3. ABU_Somaia

    ABU_Somaia زيزوومي VIP ★ نجم المنتدى ★ عضوية موثوقة ✔️

    إنضم إلينا في:
    ‏ابريل 15, 2015
    المشاركات:
    9,257
    الإعجابات :
    16,885
    نقاط الجائزة:
    4,070
    الجنس:
    ذكر
    الإقامة:
    مصر
    برامج الحماية:
    ESET
    نظام التشغيل:
    Windows8.1
    جزاك الله خيرا اخى رعد

    :rose::star::rose:
     
    أعجب بهذه المشاركة أبـو حفـص
  4. ضياء الدين مصطفي

    ضياء الدين مصطفي زيزوومي VIP

    إنضم إلينا في:
    ‏ابريل 9, 2015
    المشاركات:
    7,256
    الإعجابات :
    5,445
    نقاط الجائزة:
    2,876
    الجنس:
    ذكر
    الإقامة:
    Cairo, Egypt
    برامج الحماية:
    avast
    نظام التشغيل:
    Windows 10
    كل التحيه والتقدير لك أخي طابت يداك
     
    أعجب بهذه المشاركة أبـو حفـص
  5. رضا سات

    رضا سات مشرف قسم الاخبار مشرف ★ نجم المنتدى ★ نجم الشهر

    إنضم إلينا في:
    ‏نوفمبر 15, 2016
    المشاركات:
    11,252
    الإعجابات :
    9,546
    نقاط الجائزة:
    5,925
    الجنس:
    ذكر
    الإقامة:
    تونسي وافتخر
    برامج الحماية:
    Kaspersky
    نظام التشغيل:
    windows 11
    شكرا لك اخي وبارك الله فيك
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    اذا التقا المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار
     
    أعجب بهذه المشاركة أبـو حفـص
  6. أبـو حفـص

    أبـو حفـص زيزوومي VIP

    إنضم إلينا في:
    ‏فبراير 23, 2012
    المشاركات:
    4,811
    الإعجابات :
    4,169
    نقاط الجائزة:
    1,420
    الجنس:
    ذكر
    الإقامة:
    ~ * قلوب الأبرار * ~
    برامج الحماية:
    ESET
    نظام التشغيل:
    Linux


    جزاكم الله خيرا وحفظكم وزادكم من فضله
     
    أعجب بهذه المشاركة ABU_Somaia

مشاركة هذه الصفحة

جاري تحميل الصفحة...