aldossry007
زيزوومى محترف
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
الـــســــلام عـــلــيـــكــم
كان كلّ شيء يدعو للتّأمّل ،سماء صافية ، وشمس مشعّة تبعث إشعاعها ، لقطرات النّدى المترامية على العشب الأخضر، فيتراقص الإشعاع المنبعث من القطرات ، مع اللون الأخضر الجميل الذي يكلل التّلال والوهاد . وخرير الماء المنبعث من الوديان ، ينسجم مع زقزقة جوقة من العصافيرالمهاجرة ، فيشكّل موسيقى طبيعية بدون تكلّف أو ملل ، وغيمات شاردة ، هربت من فصل الشّتاء ، تطاردها ريح خفيفة ، وتقول لها ارحلي …ارحلي ، فقد انتهى عمرك ، وفي ثنايا الوديان أزهار مختلفة الألوان ، تتراقص مع نسمات كسولة ، وفي آخر الأفق المنظور ، على جبال الأرز العالية ، خطوط بيضاء هربت من ثلج الشّتاء ، واستقرّت مكانها ، لتذّكر بأنّ الحياة دورة ، منتظمة . في هذا الجوّ البهيج ، تتفاعل النّفس مع الكائنات المحيطة ، من غيم ، ونسمة وزهرة وساقية ،قالت وهي تتنهد: أما لهذا الجمال من خلود ؟؟ قال لها : إنّ الخلود للمخلوق محال ، وبالفناء يتمّ العطاء ،فعندما تزهر الزّهرة ، وتتفتح أوراقها ، وتتنشق عبير الصّباح ، لتعطي أريجها الفوّاح ، ينتظرها يباس وحصاد ، فترمي بذورها في الأرض ، لتنبت مرّة أخرى في الرّبيع القادم ، إنّ الخلود للمخلوق محال ، فهذه الغيوم تنضح بالمطر ، وتتلاشى مع الرّيح ، لتتكوّن من جديد في صيف قادم ، مع شمس حارة ، لتعطي مرّة أخرى في شتاء قادم .إنّ الخلود للمخلوق محال ، وكلّما كان المحو أقوى ، كان الظّهور أثبت ، فأنت عندما تريد أن تكتب على قرطاس ، تظهر الكتابة أوضح ، كلّما كان القرطاس أبيضاً نظيفاً، خالياً من الشّوائب ، لهذا …فالإنسان عندما يموت ، يبلى ..ويفنى ، ويصبح تراباً تنبت منه الأزهار والأشجار ، فأيّ فناء أقوى من هذا الفناء ، وأيّ محو أقوى من هذا المحو ، وأيّ قوة أقوى من هذه القوة ، التي تفعل هذا الفعل ، ثمّ تكون العودة الثانية ، التي قررها الله وقال فيها : { ذلك بأنّ الله هو الحقّ وأنّه يحي الموتى وأنّه يبعث من في القبور } فالبعث مرّة أخرى ، نشاهده في دنيانا ، في سنبلة قمح ،أتت إليها المناجل وحصدتها ، ثمّ بذرت مرّة أخرى ، ونتج عنها سنبلة جديدة ، وهكذا أنت أيّها الإنسان سنبلة متفتحة ، سيأتي إليها منجل الموت ، ويحصدها ، ومن ثمّ تبذرفي الأرض الأمّ ، لتنبت في الآخرة . سنبلة يانعة ، أحبّت صديقها ، ورأت فيه الأخو الأخت والأم والأب ، نامت معه واستيقظت على وسوسة العصافير ، سبّحت ربّها وصلّت وقالت : اللهمّ اجعل خير عمري آخره ، وخير أعمالي خواتمها ، وخير أيامي يوم ألقاك فيه . آمين آمين آمين
بقلم السيد المهندس محمد رجب رمو
