اختلف العلماء في إتيانها والجمهور على جواز ذلك وهو الحق قال الشيخ ابن عثيمين بعد ذكر الخلاف
القول الثَّاني: أنه ليس بحرام[(930)]، وهو الصَّحيح، ودليل ذلك:
1- قوله تعالى: {{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}} [البقرة: 223] .
2- أنَّ الصَّحابة رضي الله عنهم الذين استُحيضتْ نساؤهم وهنَّ حوالي سبع عشرة امرأة، لم يُنقَلْ أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمر أحداً منهم أن يعتزل زوجته، ولو كان من شرع الله لبيَّنه صلّى الله عليه وسلّم لمن استُحيضَت زوجتُه، ولَنُقِلَ حفاظاً على الشريعة، فلما لم يكن شيءٌ من ذلك عُلِمَ أنه ليس بحرام.
3- البراءة الأصلية، وهي الحلُّ.
4- أنَّ دم الحيض ليس كدم الاستحاضة، لا في طبيعته، ولا في أحكامه؛ ولهذا يجب على المستحاضة أن تُصلِّيَ، فإِذا استباحت الصَّلاةَ مع هذا الدَّم فكيف لا يُباح وطؤُها؟ وتحريمُ الصَّلاة أعظمُ من تحريم الوَطء.
ولا يُسلَّمُ أنه داخلٌ في الآية؛ لأنَّ الله قال: {{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً}} [البقرة: 222] . فقوله: «هو» ضميرٌ يدلُّ على التَّخصيص، أي: هو لا غيره أذىً. ولا يُسَلَّم القياس في أكثر الأحكام؛ فكيف يُقاس عليه والحالةُ هذه!.
5- أنَّ الحيض مدَّته قليلةٌ، فمنع الوطء فيه يسيرٌ؛ بخلاف الاستحاضة فمدَّتُها طويلةٌ؛ فمنع وطئها إِلا مع خوف العَنَتِ فيه حرجٌ والحرجُ منفيٌّ شرعاً.
وأما كونُ الذَّكر يتلوَّث عند الوطء بالدَّم النَّجس؛ فإِن قلنا: إِنه يُعفى عن يسير دم الاستحاضة فلا إِشكال؛ لأنَّ ما يعلق منه بالذَّكر يسيرٌ، وإِنْ قلنا: لا يُعفى عنه فهو مباشرةٌ للدم غير مقصودة ولا مستمرَّة؛ إِذ يجبُ عليه غسله بعد ذلك.
لكن إِذا استقذره، وكَرِه أن يجامعَ مع رؤية الدَّم؛ فهذا شيءٌ نفسيٌّ لا يتعلَّق به حكمٌ شرعيٌّ، فقد يَكره الإِنسان الشيءَ كراهةً نفسيَّةً، ولا يُلام إِذا تجنَّبَه، كما كَرِهَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أكل الضَّبِّ مع أنَّه حلالٌ، وقال: «إِنه ليس في أرض قومي فأجِدُني أعَافُهُ»[(931)] . الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الأول
وسئل ابن عباس عن جاع المستحاضة قال لا باس ان يجامعها زوجها ) اخرجه عبد الرزاق بسند حسن
وقال الالباني وقد اختلف العلماء في إتيانها والجمهور على جواز ذلك وهو الحق لأن الأصل في الأشياء الإباحة ولأن في المنع من ذلك ضرا على الزوج فيما إذا كانت الاستحاضة مستديمة كما جرى لأم حبيبة بنت جحش كما سبق. وما أحسن ما روى الدارمي (207) بإسناد صحيح عن سالم الأفطس قال:
سئل سعيد بن جبير: أتجامع المستحاضة؟ فقال: الصلاة أعظم من الجماع
وروي مثله عن بكر بن عبد الله المزني بسند صحيح أيضا
الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (الالباني)