من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
غزة.. مرضى وأطفال على حافة الموت
[14:29مكة المكرمة ] [24/11/2008]

إحدى المريضات في غزة ترقد بين الحياة والموت
غزة- كارم الغرابلي:
تسارعت في الآونة الأخيرة إحصائيات ضحايا انقطاع التيار الكهربائي والحصار المفروض على قطاع غزة من المرضى، حتى بات كل مريض حرمه الحصار من العلاج مؤمنًا قانعًا بأنه قد يكون شهيدَ الحصار التالي.
وبات الوضع الصحي في مستشفيات قطاع غزة لا يُطاق؛ نتيجة انقطاع التيار الكهربائي ودخول المئات من المرضى والأطفال في موت سريري.
وأطلقت وزارة الصحة في قطاع غزة نداء استغاثة لإنقاذ حياة مئات المرضى الراقدين على أسرَّة العناية المكثَّفة, ومئات الأطفال الرازحين في حضَّانات المستشفيات التي باتت على المحك؛ نتيجةَ الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وفشل مولدات الكهرباء الرئيسية في معظم مستشفيات القطاع.

الموت جوعًا يهدد أطفال غزة
ويمنع الكيان الصهيوني إدخال الوقود والحاجات الأساسية في قطاع غزة منذ نحو أسبوعين، فيما يشدِّد من إجراءاته العقابية على المعابر، بزعم إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخَ باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948م.
ولا يسمح بدخول الأدوية والمعدات الطبية القطاع، ويمنع المرضى من الدخول عبر معبر بيت حانون "إيرز" لتلقي العلاج في المستشفيات الصهيونية، رغم أن العشرات منهم يحملون إحالات عاجلة.
في قسم العناية المركَّزة بمستشفى الشفاء بغزة كان لـ(إخوان أون لاين) جولة بين أسرَّة المرضى؛ حيث تتجسَّد ذروة الكارثة الصحية الناتجة من هذه الأزمة، والتي تصنَّف أغلب الحالات فيه بالموت السريري أو الخطرة.
الطفل "أحمد شعبان" (تسعة أشهر) هو واحد من بين العشرات من الأطفال الذين يخضعون للعناية المكثَّفة؛ حيث يعاني من أزمة قلبية، ولديه إحالةٌ إلى المستشفيات الصهيونية، لكن الاحتلال لا يسمح له بالدخول!.
يستلقي الطفل الرضيع على سرير، وتجلس بجواره والدته تنظر إليه بعين الشفقة والخوف معًا؛ فهي لا تملك سوى أن تدعوَ بأن يأخذ الله بيده.
ويُمنَع الطفل "إبراهيم" منذ نحو شهرين من مغادرة القطاع للعلاج، ولا يشفع له مرضه أمام جبروت الاحتلال، الذي يغلق كافة معابر القطاع ويفرض حصارًا مشددًا عليه.
الطفل محمود عابد (عامان) لا تختلف معاناته عن جاره أحمد؛ حيث يعاني من مشكلة في الصدر وارتفاع بالضغط، ويحتاج بين الحين والآخر إلى عملية قسطرة، وتقول والدته إن حالته تتطلَّب بين الحين والآخر أن يدخل غرفة العناية المكثَّفة.

أطفال غزة في خطر بعد قطع الوقود عن المستشفيات
وتتوفر لدى الطفل عابد إحالة خارجية أيضًا للعلاج في مستشفيات داخل الخط الأخضر، لكن الاحتلال يمنعه من السفر لتلقي العلاج.
وبفعل انقطاع الوقود عن القطاع، تعاني المستشفيات أزمة حادة، قد تدفعها مضطرةً إلى التوقف عن العمل، خاصةً أن المخزون المتوفر من الوقود لا يكفي حاجة هذه المستشفيات.
المواطن محمود أبو حمد أحد أقارب الجريح فوزي أبو حمد الذي يرقد بقسم العناية المركزة في مستشفى الشفاء بسبب إصابته بقصف صهيوني قبل 5 أيام؛ عبَّر عن غضبه لما يحدث في القطاع، مضيفًا: "لم نعد نتحمل الجلوس في بيوتنا، ونفضِّل الوقوف في ساحة المستشفى لنرى ما الذي يحدث لمرضانا.. الكل هنا يمكن أن يموت في أية لحظة".
وتابع: "رأيت كيف أصبح المستشفى متأزِّمًا بسبب كارثة الكهرباء.. حرام أن يموت المرضى والعالم ينظر إلينا، فليأتوا وليروا ماذا يحدث داخل المستشفيات لتحنَّ قلوبهم علينا".
﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ (الشعراء: 80).. آية قرآنية ملؤها التفاؤل؛ تستقبل كل من يدخل قسم الأورام والدم في مستشفى الشفاء في غزة، بين هذه الجدران الخضراء الكئيبة ينتظر مرضى السرطان الموت بصمت؛ يعانون بصمت ويصرخون بصمت، ثم يرحلون بصمت.[/B]
سلوى حمدان (جاوزت الخمسين من العمر) أدخلت المستشفى قبل أسابيع لإصابتها بسرطان في الدم، فأخذوا ينقلون لها وحدة دم كل شهر، وظلت حالتها تسوء حتى تقرَّر نقل وحدة دم كل أسبوع.

مرضى غزة في خطر
قال أحد أقاربها وهو يغالب دموع عينيه إنها تعلم بمرضها، وإنها تعاني بشدة من فقد الشهية للطعام والجفاف المستمر، وإن الحصار حرمها من دوائها.في السرير المجاور لها ترقد المريضة رائدة أبو جبل (28 عاما) أم لخمسة أطفال؛ أكبرهم يبلغ الحادية عشر من عمره، وأصغرهم يبلغ عامين؛ تعلو الصفرة وجهها المتضائل بفعل المرض وقد بدت آثار العلاج الكيماوي واضحةً عليها؛ يجلس بجوارها أخوها ووالدتها التي تركت حوادث الزمن علاماتٍ غائرةً على جبهتها الصامدة ككل أمهات فلسطين الصابرات.
تعاني رائدة من انسداد في الأمعاء، وأجريت لها عمليات عدة في المعدة والاثني عشر وأزالوا المرارة وفحصوا عينة من المعدة فشكّوا في وجود سرطان بالمعدة، وأعطوها العلاج الكيماوي وأعلن الأطباء في غزة عجزهم عن علاجها في القطاع، وطلبوا سرعة إحالتها إلى الكيان الصهيوني، وحتى هذه اللحظة لا يزال أهلها في انتظار فك الحصار لتسافر للعلاج.
تقول والدتها وهي تدافع الدمع في عينيها: "إن رائدة لا تأكل ولا تشرب، وظلت تعيش على المحلول، ولم تدخل قطرة ماء واحدة في جوفها؛ فحتى المحلول ما عاد يصل إلى أمعائها، فاضطر الأطباء إلى إعطائها الدواء عبر الوريد".
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة حذَّرت من خطر توقف أكثر المستشفيات في قطاع غزة عن العمل إذا استمر الحصار على القطاع، وقالت الوزارة في بيان صحفي إن "مجمع الشفاء الطبي ومستشفى غزة الأوروبي دخلت في أزمة حقيقية تُنذر بوقوع كارثة صحية نتيجة تعطل المولدات الكهربائية الرئيسة من جرَّاء منع الاحتلال الصهيوني إدخال قطاع الغيار والزيوت اللازمة لتشغيلها".

أطفال غزة المرضى ينتظرون من يتحرك لإنقاذهم
وحذرت الوزارة من الخطر على "أرواح العشرات من المرضى الذين يرقدون على أسرَّة العناية الفائقة وأجهزة غسيل الكلى وعشرات الأطفال الخُدَّج في أقسام الحضانة".من جهةٍ أخرى أكد مدير عام مستشفى ناصر الطبي الدكتور حسن عباس أن الوضع الصحي في مستشفى ناصر الطبي أصبح لا يُطاق؛ نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع، وأن حالة المرضى دخلت مرحلة خطيرة.
وقال عباس: "إن مشفى ناصر ما زال لديه مخزون قليل من الوقود يكاد لا يكفي سوى أيام معدودة فقط", موضحًا أنه في حال نفد المخزون من الوقود احتمال أن يُتوَفَّى الكثير من الحالات، لا سمح الله.
وأوضح عباس أن أكثر من 38 حالة أصبحت أكثر عرضة للموت في حال استمرار انقطاع الكهرباء عن المستشفى، وهذه الحالات كالتالي: "6 حالات عناية مركزة- 8 حالات قلب- 10 حالات حضَّانة أطفال-14 غسيل كلى".
وأوضح عباس أن مستشفى ناصر تعتبر من أكبر مستشفيات القطاع استقبالاً للمرضى؛ حيث يُقدَّر عدد المرضى بأكثر من 90 ألف حالة مرضية سنويًّا.
وذكر عباس أن وزارة الصحة تواصل اتصالاتها مع كافة الجهات المعنية؛ منها وكالة الغوث ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي, مضيفًا أن الوزارة تلقَّت وعودًا من هذه الجهات، ولكن أرض الواقع لا يوجد بها تطبيق لهذه الوعود، والدليل أن التيار الكهربائي ما زال مقطوعًا عن قطاع غزة لليوم التاسع عشر على التوالي.

التعديل الأخير بواسطة المشرف: