راجية الجنة
مُديرة عامّة
طـــاقم الإدارة
★★ نجم المنتدى ★★
نجم الشهر
عضو المكتبة الإلكترونية
كبار الشخصيات
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

••• السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته •••
إخوتي وأخواتي روّاد القسم العامّ؛
مقالٌ قيّم؛
أرجو أن نفيد منه جميعًا.
/
يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
/
رسالة تاج الدين السبكي إلى والده، وجواب والده عليها
.......................
د. عبدالحكيم الأنيس.
المراسلاتُ بين الأبناء والآباء مِنْ أجمل المراسلات،
لاسيما إذا كانوا من أهل العلم والفضل والدين، وهذه رسالةٌ كتبها تاجُ الدين السبكي؛
إلى والده تقي الدين -رحمهما الله تعالى-؛
في سادس عشر جمادى الأولى سنة (755هـ) بدمشق،
وكتبَ الوالدُ جواباً لابنهِ عليها.
ولا ندري سببَ كتابة تاج الدين هذه الرسالة،
ولكننا نستشفُّ ذلك مِنْ مضمون الرسالتين،
ويبدو أنه متعلقٌ بعلاقة التاجِ بالناس، وفتحهِ باب قضاء حوائجهم،
وتقريبِ غاياتهم، وقد فُسِّرَ هذا تفسيراً أدخلَ الحزنَ على قلبه،
وهو أنه يريدُ مِنْ ذلك تحقيقَ أمورٍ خاصة.
لاسيما إذا كانوا من أهل العلم والفضل والدين، وهذه رسالةٌ كتبها تاجُ الدين السبكي؛
إلى والده تقي الدين -رحمهما الله تعالى-؛
في سادس عشر جمادى الأولى سنة (755هـ) بدمشق،
وكتبَ الوالدُ جواباً لابنهِ عليها.
ولا ندري سببَ كتابة تاج الدين هذه الرسالة،
ولكننا نستشفُّ ذلك مِنْ مضمون الرسالتين،
ويبدو أنه متعلقٌ بعلاقة التاجِ بالناس، وفتحهِ باب قضاء حوائجهم،
وتقريبِ غاياتهم، وقد فُسِّرَ هذا تفسيراً أدخلَ الحزنَ على قلبه،
وهو أنه يريدُ مِنْ ذلك تحقيقَ أمورٍ خاصة.
وهاتان الرسالتان نقلهما السيوطي في الجزء السابع؛
من تذكرته (الفلك المشحون) (الورقة 2-4 حسب ترقيمي) مِنْ خطِّ الابنِ والأبِ.
وقد رأيتُ نشرَهما؛ لما لهما من أهميةٍ كبيرةٍ في الكشفِ؛
عن جوانبَ جديدةٍ في حياة الشيخين القاضيين، وحاولتُ توضيحَ نصَّيهما كما ترى.
يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
•••••
قال السيوطي -رحمه الله-:
♦♦♦♦
(بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر
نقلتُ مِنْ خطِّ الشيخ تاج الدين السبكي -رحمه الله تعالى- ما نصُّه:
بعد البسملة الشريفة:
الحمدُ لله، وصلى اللهُ على سيِّدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
أمّا بعدُ:
فهذه رسالةٌ كتبها العبدُ الفقيرُ إلى الله تعالى؛
عبدُالوهاب بنُ علي السبكي إلى والده ---أطال الله عمرَه، وشيّدَ به رَبْعَ الدين وعَمَرَه-.
الأسبابُ المقتضيةُ للإجلالِ والتعظيمِ، والمحبّةِ والمهابةِ عند الصاحبِ لصاحبه أمورٌ:
أحدُها: القرابةُ: وأعلى درجاتها البعضيةُ، فلا أعظمَ من الوالدية والولدية.
والثاني: العلمُ: واللهُ يعلمُ أنَّ سيِّدَنا عندَنا في درجةِ سفيان الثوري، ومحمدِ بن إدريس الشافعي، وأمثالِهما.
والثالث: الدِّينُ: ولا يَشكُّ اللبيبُ في أنَّ مولانا بالمحلِ الأعلى منه، وأنه جامعٌ لأنواعهِ، حاوٍ لأقسامهِ، قائمٌ فيه بقلبهِ وقالبهِ، وأنّه من الأولياءِ.
يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
•••••
والرابع: الإحسانُ: وقد اشترك الخاصُّ والعامُّ في معرفة إحسانِ مولانا ؛
لبنيه وذويه إحساناً بلغَ النهاية مِنْ قدرتهِ،
مع تقصيرهِ في الإحسانِ إلى نفسهِ.
ومرادُنا بالإحسان هنا الإحسانُ الدُّنيوي دون الدِّيني.
والخامس: الهدايةُ والإرشادُ: وقد نصبَ اللهُ تعالى مولانا؛
علَماً تأتمُّ الهُداة به، وضياءً تمشي السائرون في جنَباته.
والسادس: الرأفةُ والشفقةُ والمحبةُ: ومولانا بالمكانِ المكينِ منه كلِّه.
والسابع: حُسْنُ الإخاء: مِنْ بذلِ النُّصحِ،
وعدمِ الحقد، والإغضاءِ، والصفحِ، والحلمِ:
أبداً تراهُ لا يعاتِبُ صاحِباً

بالذنبِ خوفَ تغيُّرِ الأصحابِ

فالذنبُ ليس بسالمٍ منه امرؤٌ

والعاتبونَ غدوا بلا أحبابِ

والصفحُ أولى ما تدرَّعَهُ الفتى

والحقدُ شرُّ ملابسِ الأثوابِ

وكلُّ خصلةٍ من هذه الخصال تُوجِبُ ما ذكرنا من الإجلال والمحبة،
فما ظنُّك بها إذا اجتمعتْ؟
وأقول: إنّي
ذو خُلُق خَلِق إذا وازنتَهُ[1]

أربى وإنْ يكُ آخرَ الميزانِ

كيف النجاةُ وإنهُ الموضوعُ في ال

ميزانِ قبلَ مكاسبِ الإنسانِ؟
•••••
والطالبون ذوو إلحاحٍ وعمَى لا يَعرفون إلا قضاءَ حوائجهم،
وقادرون والأذى أغلبُ على طبائِعهم، وإذا أُضيف إلى عماهم وجاههم ؛
سماعُهم ذكر الدرهم والدينار ازدادَ الجهلُ جهلاً، والعمى ضلالاً،
فهُمْ أحبُّ خلقِ الله فيما بأيديهم، وما أحسنَ قولَ ابن الرومي:
ولوْ أنّي جُعِلتُ أميرَ جيشٍ

لمَا قاتلتُ إلا بالسؤالِ

لأنَّ الناسَ ينهزمونَ منهُ

وقد صَبَروا لأطرافِ العوالي
•••••
[إذا أُضيفَ هذا][2] مع ضعفِ المسؤولِ عن مقاواتهم كانَ ذلك أشدَّ.
وإنّي لما حُدِّثتُ فيما علمتم - واللهُ يعلمُ أنَّ الدنيا تضيقُ بي إذا حُدِّثتُ في شيءٍ مِنْ ذلك،
وأنَّ الحالَ في هذا الزمانِ مضطرٌ إلى المحاسبة[3]،
وأنتم تعلمون أنَّ مَنْ نَسَبَ إلى علمِ اللهِ ما لم يكن فقد كفرَ- ثم جئتُكم بعد إهانةٍ زائدةٍ،
ورددتم الكلامَ رَدَّ مَنْ غلبَ على ظنِّه أنَّ لي غرَضاً؛
-واللهُ يعلمُ البراءةَ مِنْ ذلك - شقَّ ذلك [عليَّ][4] مشقةً زائدةً،
وقلتُ: سبحان الله:
نُرَقِّعُ دنيانا بتمزيقِ دينِنا ♦♦♦ فلا دينُنا يبقى ولا ما نُرَقِّعُ
•••••
وقد كتبتُ هذه الأسطرَ باسطةً للعذر، مُعْلمةً أنَّ مولانا؛
لا ينبغي أنْ يقيسَ على نفسهِ غيرَه، ولو أنه[5] ؛
إلا لأنه يُعامَلُ بما لا يُعامَلُ به غيرُه من التهكُّم،
مع ما في أنفسِ الناسِ الأعداءِ خذلهم اللهُ منه مِنْ مكايد،
لا يجدون بُدّاً من الانتقامِ والتشفِّي بأولاده - حيثُ قدروا لا قدرهم الله -؛
لعجزهم عنهُ[6]، مع أنّهم لو قدروا عليه هو لم يُبالِ بهم، فإنّه:
مَنْ كان فوقَ محلِ الشمسِ موضعُهُ ♦♦♦ فليس يرفعُهُ شيءٌ ولا يَضَعُ
يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
وهذا بخلافِ غيرهِ، وهذا هو المُوجِبُ للحديثِ معكم.
وأمّا ترتُّبُ غيظِكم على ذلك، وتوهُّمُكم فيَّ ما لا ينبغي،
فهو أشدُّ الأمرين، وآلمُ الجرحين، وأعظمُ المُذففين.
•••••
وأشتهي أنْ تعلموا العذرَ، وأنْ يكون خاطرُكم مع ذلك طيّباً راضياً،
وأنْ تدعوا لي دعاءً ينفعُ -إنْ شاءَ اللهُ تعالى- في الدارين،
فإنَّ مَنْ كان والِداً عالِماً عامِلاً مُحسناً مهذِّباً رؤوفاً حليماً؛
ينبغي اغتنامُ هذه الأشياءِ منه.
وأنا قد كتبتُ إلى الأخ بهاء الدين[7] ؛
مِنْ مدةٍ أنِّ الذي أدينُ اللهَ تعالى بهِ أنَّ الإقامةَ عندَكم أفضلُ مِنَ الإقامة بمكة[8].
•••••
لذلك فما أشتهي خاطرَكم يتغيّرُ، وأشتهي تكتبونَ الجوابَ بخطِّكم؛
فيما فضلَ مِنْ هذه الأوراقِ، لتكون حجةً لي عليكم[9] يوم القيامة،
وسجلاً يشهدُ برضاكم عني، ودعائِكم لي.
كتبه عبدُالوهاب بنُ علي السبكي غفر اللهُ لهما،
في سادس عشر جمادى الأولى[10] سنة خمس وخمسين وسبع مئة، بدمشق.
وصلّى اللهُ على محمدٍ وسلُمَ.

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

[1] كرَّر الناسخ: خلق إذا وازنته.
[2] زيادة مني.
[3] كذا في الأصل، ولعل الصوابَ: المحاسنة.
وسيأتي في كلام التقي ما يفيدُ ذلك: وكلُّ أحدٍ يُحسِّن إليه الناس...
[4] زيادة مني.
[5] كذا في الأصل، ويظهرُ أنَّ في الكلام سقطاً.
[6] أي: لعجزهم عن النيل من الشيخ تقي الدين.
[7] وكان يقيم في مكة.
[8] كأنه ينظر في ذلك إلى جانب البر.
[9] هذه اللفظة (عليكم) قاسية هنا!
[10] في الأصل: الأول!
يتبع بحول الله تعالى؛ مَع جوابِ الأبِ على رسالة ابنهِ.
