ضياء البرق

زيزوومى مميز
إنضم
6 نوفمبر 2012
المشاركات
332
مستوى التفاعل
345
النقاط
520
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم


التربية بناء للإنسان وحماية للأوطان (2)

الشيخ د. صالح بن حميد
إمام وخطيب الحرم المكي الشريف​

أيها الآباء الفضلاء، أيها المعلمون النبلاء: ربوهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق؛ فبالفضائل تُدفَع الرذائل، فجَمال العقل بالفِكر، وجَمال اللسان بالصمت، وجَمال الكلام بالصدق، وجَمال الحال بالاستقامة، والقعود عن الفضائل بئس الرفيقُ.



معاشرَ الإخوةِ: ومن أعظم وسائل التربية وأنجحها: التربية بالقدوة؛ الأبناء بحاجة إلى قدوات لا إلى نُقَّاد، جالِسوهم، صادِقوهم، تحدَّثوا إليهم، فرِّغوا أنفسَكم من أجلهم؛ إنكم إن لم تجدوا لهم عندكم وقتًا، فلن تجدوا عندهم لكم مكانًا، إعطاؤهم من وقتكم خيرٌ لهم من إعطائهم من مالِكم، وأن تستثمِروا فيهم خيرٌ من أن تستثمِروا لهم، كونوا لهم قدوة بحكمة العقل، وعفَّة اللسان، وصِدْق الحديث، وطهارة اليد، وحُسْن الخُلُق.



يقول عمر بن عُتْبة مخاطِبًا معلمَ ولده: "ليكن أولُ إصلاحِكَ لولدي إصلاحَكَ لنفسكَ؛ فإن عيونَهم معقودة بعينِكَ، فالحَسَنُ عندَهم ما صنعتَ، والقبيحُ عندَهم ما تركتَ"، كونوا لهم مستمعين يكونوا لكم برَرَة، أحِبُّوهم، وأثنُوا عليهم، وشجِّعوهم، بادِلُوهم المزاحَ والمرحَ.



معاشر الآباء والمربين: احذروا أن تستحوذَ على الأبناء والبنات أدواتُ التواصل، والمواقعُ الافتراضية، بُثُّوا فيهم الوعيَ؛ فلا يُصدِّقوا كلَّ صورة، ولا يستسلِموا لكل تغريدة، ولا يَقبَلوا كلَّ معلومة، ففي كثير منها مواطنُ الخلل، ومواضع الزَّلل.



لا يَجعلُوا أدواتِ التواصل محطاتِ عبورٍ لشائعة، أو سبيل لغِيبة، أو طريق لكِذْبة تبلغ الآفاقَ؛ فالأوزار مكتوبة، والآثام محسوبة بلمسة لم تكن في الحسبان، وجِّهُوهم أن يجعلوا من هذه الأدوات نقاطَ تفتيش تَحجِز الأذى، وتمنع الفحشاءَ.



معاشر المسلمين: ومن أعظم ما يُستهدَف في التربية، إقامةُ بناء الشخصية في الناشئة، والاعتزاز بالقِيَم، والاعتداد بالنفس، والبعد عن التقليد المميت، والحذر من الاندفاع وراءَ مهازيل المشاهير؛ في مَلبَس أو مَطعَم أو سلوك؛ فالعزة لله ولرسوله، وللمؤمنين، ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمون.

اغرسوا فيهم أن الباطل باطل، ولو كثر أتباعه، والحق حق ولو قل أتباعه، راية الحق قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطة ولو رفعها كل أحد، والحرام حرام ولو فعله كل الناس، المرء بآدابه لا بثيابه، وبدينه وخلقه لا بنسبه وقبيلته.



أيها المربون، أيها المسئولون: شجِّعوهم على الجِدّ، وحِفْظ الوقت، وشَغْل وقت الفراغ، وتحمُّل المسئولية، واتخاذ القرار، فمن أكثَر الرقادَ لم يُحقِّق المرادَ، ومَنْ كَثُرَ نومُه سبَقَه قومُه، وحُبُّ الراحةِ يُورِث الندمَ، ولا يُبلَغ الأملُ إلا بالجِدِّ والعملِ، والهدايةُ طريقُها المجاهدةُ؛ (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 69].



وبعدُ -حفظكم الله-: فإن من علامة صحة التربية قلة الخلاف، وحُسْن الإنصاف، وترك تطلُّب العثرات، والتماس الأعذار، واحتمال الأذى، ولين الكلام، وطلاقة الوجه، ومن العدوان في التربية كثرة اللوم، ورفع الصوت، والمقارَنة بالآخَرين، والذي يجمع أساليب التربية ويحقِّق ثمرتها التفاهم بين الوالدينِ، والانسجام والهدوء والاستقرار في البيت، في محبة ورفق وتشجيع وثقة وتغاضٍ وتسامُح؛ فينتج -بإذن الله- أبناء صالحون، صحَّت عقائدُهم، وحَسُن سلوكُهم، عناصر بناء وإيجابية في توازُن وانضباط واعتدال، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التَّحْرِيمِ: 6].

انتظرونا في الجزء الثالث
 

شكرا لك اخي
 
توقيع : رضا سات
بارك الله فيك
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق
عودة
أعلى