هــام تفسير آيه(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)

غير متواجد

العبدلله 7

مشرف المنتدى الإســـلامي ومنتدى كورسات اللغة
طاقم الإدارة
مشرف
نجم الشهر
إنضم
Feb 19, 2021
المشاركات
1,271
مستوى التفاعل
2,622
النقاط
2,270
OFxO8rc.png



maxresdefault.jpg


القول في تأويل قوله تعالى : ( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ( 38 ) )

يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين : ( ها أنتم ) أيها الناس ( هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله ) يقول : تدعون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونصرة دينه ( فمنكم من يبخل ) بالنفقة فيه ، وأدخلت " ها" في موضعين ؛ لأن العرب إذا أرادت التقريب جعلت المكنى بين " ها" وبين " ذا" ، فقالت : ها أنت ذا قائما ؛ لأن التقريب جواب الكلام ، فربما أعادت " ها" مع " ذا" ، وربما اجتزأت بالأولى ، وقد حذفت الثانية ، ولا يقدمون أنتم قبل " ها" ، لأن ها [ ص: 192 ] جواب فلا تقرب بها بعد الكلمة .

وقال بعض نحويي البصرة : جعل التنبيه في موضعين للتوكيد .

وقوله ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) يقول - تعالى ذكره - : ومن يبخل بالنفقة في سبيل الله ، فإنما يبخل عن بخل نفسه ؛ لأن نفسه لو كانت جوادا لم تبخل بالنفقة في سبيل الله ، ولكن كانت تجود بها ( والله الغني وأنتم الفقراء ) يقول - تعالى ذكره - : ولا حاجة لله أيها الناس إلى أموالكم ولا نفقاتكم ؛ لأنه الغني عن خلقه ، والخلق الفقراء إليه ، وأنتم من خلقه ، فأنتم الفقراء إليه ، وإنما حضكم على النفقة في سبيله ، ليكسبكم بذلك الجزيل من ثوابه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :


حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء ) قال : ليس بالله - تعالى ذكره - إليكم حاجة وأنتم أحوج إليه .

وقوله - تعالى ذكره - : ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) يقول - تعالى ذكره - : وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد - صلى الله عليه وسلم - فترتدوا راجعين عنه ( يستبدل قوما غيركم ) يقول : يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلا منكم يصدقون به ، ويعملون بشرائعه ( ثم لا يكونوا أمثالكم ) يقول : ثم لا يبخلوا بما أمروا به من النفقة في سبيل الله ، ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم ، ولكنهم يقومون بذلك كله على ما يؤمرون به .


وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :


حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة [ ص: 193 ] ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) يقول : إن توليتم عن كتابي وطاعتي أستبدل قوما غيركم ، قادر والله ربنا على ذلك على أن يهلكهم ، ويأتي من بعدهم من هو خير منهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) قال : إن تولوا عن طاعة الله .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ) .

وذكر أنه عنى بقوله ( يستبدل قوما غيركم ) : العجم من عجم فارس .
ذكر من قال ذلك :


حدثنا ابن بزيع البغدادي أبو سعيد قال : ثنا إسحاق بن منصور ، عن مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " لما نزلت ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) كان سلمان إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين إن تولينا استبدلوا بنا ؟ قال : فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - على منكب سلمان ، فقال : من هذا وقومه ، والذي نفسي بيده لو أن الدين تعلق بالثريا لنالته رجال من أهل فارس " .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ، ثم لا يكونوا أمثالنا ، فضرب على فخذ سلمان قال : هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " . [ ص: 194 ]

حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال : ثنا عبد الله بن الوليد العدني قال : ثنا مسلم بن خالد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " نزلت هذه الآية وسلمان الفارسي إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحك ركبته ركبته ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) قالوا : يا رسول الله ومن الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ قال : فضرب فخذ سلمان ثم قال : هذا وقومه " .

وقال : مجاهد في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( يستبدل قوما غيركم ) من شاء .

وقال آخرون : هم أهل اليمن .
ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عوف الطائي قال : ثنا أبو المغيرة قال : ثنا صفوان بن عمرو قال : ثنا راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير وشريح بن عبيد في قوله ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) قال : أهل اليمن .
*********************************************************************

قال الماوردي رحمه الله :
"(يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) فيه ثلاثة أقاويل :


أحدها : أنهم أهل اليمن ، وهم الأنصار ، قاله شريح بن عبيد .

الثاني : أنهم الفرس – وذكر حديث أبي هريرة - .

الثالث : أنهم مَن شاء مِن سائر الناس ، قاله مجاهد" انتهى .

" النكت والعيون " ( 5 / 307 ، 308 ) .

3. وعلى فرض أن الآية في الردة ، وأن المقصود بهم العرب ، وأن القوم الذين سيحلون مكانهم هم " الفرس " : فإنها تحوي علماً غيبيّاً فيها بشارة للمسلمين من أهل الفرس أنه لا يحدث فيهم ردة عن الدِّين ، وفيه إشارة لاحتمال وقوعها من غيرهم ، وهو ما حصل بالفعل .

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

"وأقول : هو يدل على أن " فارس " إذا آمنوا : لا يرتدون ، وهو من دلائل نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن العرب ارتد منهم بعض القبائل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وارتدّ البربر بعد فتح بلادهم وإيمانهم ثنتي عشرة مرة ، فيما حكاه الشيخ أبو محمد بن أبي زيد ، ولم يرتد أهل فارس بعد إيمانهم" انتهى .

" التحرير والتنوير " ( 26 / 139 ) .

وعلى هذا ؛ فلا تعلق للآية ولا الحديث بانتشار الرافضة في الأرض ؛ لأن الكلام عن الفرس المسلمين ، والرافضة الفرس ليسوا منهم .

فإما أن يقال : لم يحصل تولي عموماً لا عن الطاعة ، ولا عن النفقة ، فلم يحصل استبدال ، أو يقال : حصل التولي من بعض العرب فجاء الله تعالى بالبديل من مسلمي الفرس ، فخدموا دين الله تعالى ، وساهموا في نشره ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في ذلك .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"قال القرطبي : وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عِياناً ، فإنه وُجد منهم – أي : من الفرس - من اشتُهر ذِكرُه من حفَّاظ الآثار ، والعناية بها ، ما لم يشاركهم فيه كثيرٌ من أحدٍ غيرهم" انتهى .

" فتح الباري " ( 8 / 643 ) .

ولمعرفة بعض عقائد الشيعة الروافض التي خالفوا بها المسلمين انظر جواب السؤال رقم (45563) و (118101) و (60046) .

والله سبحانه وتعالى أعلى و أعلم

AhzgE98.png
 
توقيع : العبدلله 7
غير متواجد
جزاكم الله خير الجزاء.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
غير متواجد
جزاك الله خيرا
 
توقيع : رضا سات
غير متواجد
جزانا وإياكم كل خير
 
توقيع : العبدلله 7
غير متواجد
بارك الله فيك
 
غير متواجد
بارك الله فيك.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
غير متواجد
جزاك الله خير
 
توقيع : أسيرالشوق
عودة
أعلى