ضياء البرق
زيزوومى مميز
- إنضم
- 6 نوفمبر 2012
- المشاركات
- 332
- مستوى التفاعل
- 345
- النقاط
- 520
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللسان... سبب الرضوان أو الخسران
أُمَّةَ الإسلامِ: إنَّ كلامَ الإنسانِ مِنْ عمله الذي سيُحاسَب عليه، إِنْ كان خيرًا فخيرٌ، وإن كان شرًّا فشَرٌّ؛ فللكلمة أهميَّةٌ عظيمةٌ، يدخُل بها المرءُ الإسلامَ، ويفرق بينها بين الحلال والحرام، وبها يرفع المرء لأعلى الدرجات، أو يهوي لأسفل الدركات؛ ففي صحيح البخاري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ".
وبيَّن -سبحانه- فضلَ الكلمة الطيبة، فقال: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)[فَاطِرٍ: 10]، ولا يَصعَدُ إلى الله -تعالى- إلَّا ما يُحِبّ ويَرْضَى؛ فلذا جاءت نصوصُ الكتابِ والسُّنَّةِ بحثِّ المؤمنِ على مراقَبةِ ما يتكلم به، "فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"؛ فابتغوا -يا عبادَ اللهِ- بكلامِكم رِضَا اللهِ؛ فبالكلمةِ الطيبةِ يُزحزَح المرءُ عن النيران، ويفوز بالجِنان؛ (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[آلِ عِمْرَانَ: 185].
وفي الصحيحين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
إخوةَ الإيمانِ: إنَّ كفَّ اللسان عن المحرَّمات طريق مُوصِل إلى السلامة، وإلى رضوان الله -تعالى- والجنة؛ ففي سنن الترمذي، قال معاذ -رضي الله عنه-: "يا رسول الله، أخبِرْني بعمل يُدخِلني الجنةَ، ويُباعِدني عن النار"، فذكر له -صلى الله عليه وسلم- أبواب الخير، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلتُ: بلى يا نبي الله، فأخذ بلساني، قال: كف عليك هذا، كف عليك هذا، فقلتُ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناسَ في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".
فكَمْ من إنسان تكلَّم بكلمة دون تفكُّر، أو إمعان نظر كانت سببًا للخسران والبوار، هوى بسببها في النار، أبعدَ مما بين المشرق والمغرب، فالعاقل اللبيب، مَنْ جعَل على لسانَه رقيبًا، رقيبًا يكفُّه عن شهادة الزور والنميمة، والبهتان والغيبة، والكذب والازدراء، والسخرية والاستهزاء.
وفي غزوة تبوك خرَج أناسٌ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فتكلموا بكلمات زلت بها ألسنتهم، فقالوا: "ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء، لا أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ ألسنةً، ولا أجبنَ عند اللقاء" يقصدون النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فجاء الوحي من السماء، بخبر تلك المقالة السيئة، فقال سبحانه: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)[التَّوْبَةِ: 65-66]، فجاء القوم يعتذرون، ويقولون: "يا رسول الله، إنما هي كلمات نقطع بها عناء ومشقة الطرقات، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يلتفت إليهم، ولا يزيد عليهم، إلا أن يقول: (أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)[التَّوْبَةِ: 65-66]،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا في السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)[إِبْرَاهِيمَ: 24-27].
الشيخ ماهر المعيقلي
خطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة
خطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة
