غير متصل
فآفة البشر أنهم يفقدون تدريجيّاً الإحساس بقيمة الأشياء
إذا اعتادوا رؤيتها كل يوم...
كم من مرة فى طريقنا مررنا بجانب جمال الطبيعة دون أن نلتفت إليه؟
أو جلسنا مع أحبائنا دون أن ندرك قيمة تلك اللحظات؟
إنه لشئ مُحزن صدقنى أن نعتبر الأشياء والأشخاص
من حولنا أمراً مسلماً به، وكأنهم سيظلون موجودين إلى الأبد...
فالحياة ليست دائماً سهلة، والأوقات العصيبة
قد تبدو كأنها لا تنتهى، ولكن إذا استطعنا أن نثق
بحكمة الله وتدبيره، سنجد أن وراء كل إبتلاء حكمة، ووراء
كل مصيبة درساً، ووراء كل دمعة فرحاً ينتظرنا...
ظللت جالساً فى بيتى فترة من الزمن
محروماً من رؤية تراب الشارع...
كنت أشعر بأن الحياة تدور خارج نوافذى
وأنا محبوس بين أربعة جدران..
لكن حينماً بدأت أتحرك وخرجت إلى العالم
مرة أخرى، بدأت أرى الأشياء بنظرة جديدة
أصبحت أقدر كل ما كنت أعتبره سابقاً تافهاً أو عديم الأهمية...
والله العظيم أصبحت أتنفس بعمق رائحة النفايات على الطريق
تلك الرائحة التى كنت أتجنبها فى السابق...
الآن أراها كعلامة على الحياة، على الحركة، على التغيير...
لقد تعلمت أن أقدر التفاصيل الصغيرة التى كنت أغفلها
وأدركت أن كل شيء، مهما كان بسيطاً أو غير مرغوب فيه
يحمل فى طياته جمالاً ومعنى...
هل رأيت إلى أى حد تغيرت نظرتى للأشياء؟
أصبحت أرى وأشعر بما كنت أتجاهله...
أدركت قيمة كل لحظة وكل تفصيلة فى حياتى، لأننى عشت فترة
محروماً من تلك الأشياء التى كنت أعتبرها عادية...
اليوم، أعيش بتقدير عميق لكل ما حولى، وأتعلم أن أستمتع
بكل لحظة، مهما كانت بسيطة أو عادية بفضل الله...
إنه لفن عظيم أن نتعلم كيف نرى النعم فى خضم المحن
وكيف نشعر بالإمتنان حتى فى أصعب اللحظات...
أعلم أن الإنسان بطبعه يتعود على الروتين
ويغفل عن الجمال الذى يحيط به، لكن بإمكاننا كسر هذا
الروتين وتغيير نظرتنا للعالم من حولنا..
فعندما نقدر ما لدينا سنبدأ في رؤية العالم بمنظور مختلف، وسنشعر
بالإمتنان العميق لكل ما هو جميل فى حياتنا...
صدقنى ، لن تتخيل كيف ستتغير حياتنا إذا بدأنا ننظر إلى الأشياء
بأعين جديدة، وقلوب ممتنة ، راضية بما يحكم به الله
من أقدار ،وإن بدَتّ مؤلمة ، لأنها تعلم أنها وإن كانت تُقّصم الظهر فى
بدايتها،فهى جميلة فى نهايتها....