من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذي بعض من سلسلة مقالات
الشيخ:/ أ:سعد مقبل العنزي
جزاه الله الف خير عنا جميعا
نقلاً من ملتقى كلية ينبع
نقلاً من ملتقى كلية ينبع
-------------------------------------------
صراع القيم
إن الصراع بين القيم الفاضلة ، والمصالح الزائلة صراع طويل وقديم قِدم الصراع بين الحق والباطل ، والتحديات التي يفرضها هذا الكفاح المرير كثيرة ومختلفة باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص .يقول الله تعالى " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ... الآيات " [ النساء : 105 ـــ 116 ]
ذكر جماعة من المفسرين أن هذه الآيات أُنزلت كلها في قِصَّة واحدة ، وذلك أن رجلا من الأنصار يقال له ( طُعمة بن أُبيرق ) أحد بني ظُفر بن الحارث من الأنصار سرق درعا من جار له يقال له قتادة بن النعمان ، وكان الدرع في جرابٍ فيه دقيق ، فحمل الجراب وبه الدرع واتجه إلى بيته ، وجعل الدقيق يتناثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى داره وفي الطريق أثرُ الدقيق ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له ( زيد بن السَمين ) ، فالتُمس الدرع عند طُعمة فلم توجد عنده ، وحلف لهم أنه ما أخذه ــــ أي الدرع ـــ وما له به من علم ، فقال أصحاب الدرع : بلى والله قد أدلج علينا فأخذه وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق ...
فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه ـــ الدرع ــ فقال دفعها إلي ( طُعمة بن أبيرق ) وشهد له أناس من اليهود على ذلك فقالت بنو ظفر ـ قوم طُعمة ـــ : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلِّموه في ذلك ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي ، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ــــ وكان هواه معهم ــــ وأن يعاقب اليهودي فأنزل الله هذه الآيات .
لقد كادت معالم الحق أن تخفى ، وأوشك البريء أن يُتهم والمتهم أن يُبَرأ لكن الذي يعلم السرَّ وأخفى جلّى الحقيقة لرسوله صلى الله عليه وسلم في سياق تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا .
وهكذا يحتدم الصراع بين القيم الفاضلة من الصدق والأمانة والقيام بالقسط على الأنفس والأقربين وبين مصالح زائلة ... عصبيةٌ ... نوالٌ دنيوي حقير . ..درعٌ وماذا يساوي الدرع ؟ وما فوق الدرع ؟ أمام المبادئ الحقَّة ، والثوابت السامية ؟!
وتتكرر الوقائع بتكرر الزمان وتعداد المكان بلونٍ مختلف وأسماء مختلفة والحقائق واحدة ، فأرباب الهمم الصغيرة ، والنفوس الأسيرة يضحّون بقيمهم مهما كان الثمن . بل ويبذلون أعراضهم في سبيل دنياهم .
ولعل أقرب الأمثلة ذلك الاحتفاء الكبير الذي حظيت به رواية (بنات الرياض) للكاتبة السعودية رجاء الصائغ وهو يصور مدى حرص القوم على تسويق كل هزيل من الأفكار والمباديء المستوردة والمجادلة عن أربابها في سبيل تجريم الفضيلة و خلخلة الثوابت الشرعية لاسيما في ما يخص المرأة . وصدق الله: ((وجادلوا بالباطل ليدحضوابه الحق))"غافر :5 ".
وليس هذا غريبا على بني جنسنا الذين مافتـئوا يسيرون في ركاب الغرب . الذي اعتاد أن يحتضن كل مارق عن مبادئ الاسلام وقيمه العادلة بل ويمنحهم الجوائز وهذا مشاهد على مستوى المؤسسات العلمية والأهلية في الغرب ومما سمعناه تكريم جمعية (( اينانا )) في بروكسل للكاتبة المصرية نوال السعداوي التي عرفت بتنكرها لكل المسلمات الشرعية فكانت جديرة بهذه المكرمة .
وآخر ذلك تكريم ملكة بريطانيا لسلمان رشدي, والذي اعتبر كلام الله تعالى من نسج الشياطين.
إن مَعْقد الابتلاء في حقيقة الاستقامة يكمن في أن أهواء العِباد غالبا ما تتعارض مع مبادئهم وقيمهم الحقَّة ، فلا مَحيص من خسران بعض مصالحنا لتسلم لنا ثوابتنا الإسلامية ، لأن التنازل عن المبادئ أو قبول المساومة عليها يعني ضياع المصالح العاجلة والآجلة التي جاءت الشريعة بها ، فنخسر من حيث أردنا الربح ، ونُفسد من حيث أردنا الإصلاح
قال تعالى : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
