vBulletin
زيزوومى متألق
- إنضم
- 23 سبتمبر 2009
- المشاركات
- 387
- مستوى التفاعل
- 5
- النقاط
- 470
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل الموسيقى فن يحيل الى معنى وراءه ام انها فن مكتف بذاته ولا يعني إلا ذاته، وهو ما يطلق عليه الموسيقى الخالصة او المجردة او الصافية؟ للاجابة عن هذا السؤال صدر كتاب في مدينة كمبردج البريطانية بعنوان «الموسيقى الخالصة وبنية المعنى» لمؤلفه دانييل تشوا يتبع فيه المؤلف جذور صناعة المعنى في الشكل الموسيقي من ناحية، ثم يؤرخ للموسيقى الخالصة المكتفية بذاتها ولا تعني الا ذاتها من ناحية اخرى.
اعترف ارسطو قديما باستحالة تحديد طبيعة الموسيقى، ويبدو ان تعريف الموسيقى لم يكن امرا سهلا او يسيرا على الفكر الانساني منذ ارسطو وحتى الآن، لكن في المرحلة المبكرة من القرن العشرين كانت النغمة الموسيقية مميزة بفعل انتظام ذبذباتها وهو انتظام يعطيها درجتها الصوتية ويميزها عن الضوضاء، اما في النصف الثاني من القرن العشرين فقد اصبحت هذه الضوضاء ذاتها تعامل باعتبارها عنصرا في التأليف الموسيقي.
وفيما يتصل باعتبار الموسيقى لغة او فيما يتصل بعلاقتها بالتعبير عن المشاعر او بأي مرجع آخر وراءها فان مثل هذه المشاعر الفكرية اتت بها موجة المرحلة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر حيث ظهر لاول مرة الموسيقي الناقد بعد ان كانت الهموم الموسيقية النظرية مقتصرة على مفكري الفلسفة وحدهم.
صاغ فلاسفة القرن التاسع عشر وشعراؤه مصطلح الفن الموسيقي الخالص او المجرد او الصافي من اجل ان تكون موسيقى الآلات المجردة من الكلمة ومن صوت الغناء البشري مفتاحا لمعنى الحياة كلها لانها غير مقيدة بأي كلمة او نص او فكرة ولانها تعني شيئا فهي حرة في ان تعني كل شيء.
ان الهيام المسحور بتأمل الاعماق الموسيقية وبمتابعة المعاني الخفية لجوهر الموسيقى الخالصة جعل المؤلف يوزع كتابه على ثلاثة اقسام: العودة وثمرة المعرفة وبرج بابل، ثم يوزع هذه الاقسام على عدد كبير من المعالجات القصيرة المكثفة حول التاريخ والحداثة والمكان والاسلوب بصورة لا تغفل المتابعة المنطقية وان كانت المعالجة المكثفة كثيرا ما تحاذي اللغة الغامضة الملتبسة او التجريد وليد النشوة.
يرى الكاتب دانييل تشوا مؤلف كتاب «الموسيقى الخالصة وبنية المعنى» ان الرومانتيكيين نقلوا الموسيقى من حقل الواقع التاريخي وحشروها في عالمها المنفصل الخاص، حيث تعكس اشاراتها بعضها بعضا داخل استقلال خالص، وهذا يعني ان التاريخ شيء ما خارج الموسيقى وزيادة مضافة مما جعل المؤرخين يلوذون بالصمت عجزا إزاء صفائها الخالص المبهم وإزاء ظاهرة الجمهور الصامت عند الاصغاء.
وفي اعتقاد الكاتب ان عصر التنوير الكبير الذي حرر العقل من الوهم او السحر، حرر ايضا الموسيقى من السحر، ومع ذلك فإن السحر الذي كان جوهر الموسيقى هو الذي فصلها عن الوحدة التي كانت تربطها بالكون اللامحدود.
جاء فيثاغورس الموسيقي الرياضي لكي يرى الكون متناغما بنسب دقيقة ويرى الموسيقى انعكاسا مسموعا لتلك الموسيقى عبر وساطة الروح الانساني، ثم جاء جاليليو مع الواقع التجريبي الذي جعل الموسيقى تنحدر الى الارض كشيء مسموع منفصل عن القيم. وبعد ذلك جاء الفكر الحديث الذي ينزع الى الانقسام والتوزيع بدل الوحدة التي حققتها الطبيعة القديمة والذي معه انفصل الصوت عن النص بعد ان كانا كينونة واحدة.. ومع مرحلة الاصلاح الديني انسحب الصوت الموسيقي من العالم باعتباره قشرة اللغة ولم يبق منه الا دوره كوسيط آلي ناقل لمعاني الكلمات. وهكذا اصبحت الموسيقى تعقلن ما هو طقسي وشعائري ولم تعد الموسيقى تعكس الاغنيات العصية على الوصف بل تعكس المفاهيم المعلنة من العقل الى القلب.
ونشوء الاوبرا في مطع القرن السابع عشر لم يكن الا توقا الى الماضي المثالي الذي كانت وحدة الموسيقى والكلمة فيه مطلقة. لكن مع ذلك بدأت الموسيقى في زمن الاوبرا تتابع تغيرات نبرات الكلام واصبحت وليدة اجبار قسري من فعل الانسان الحديث الذي حول هارموني الكواكب الى مجرد اغنية للنفس.
يتابع المؤلف في الكتاب حركة الحضارة الغربية من الرؤية السحرية للعالم الى الرؤية التي اصبح فيها الانسان مراقبا منفصلا يضع مقاسات للاشياء ويسيطر عليها، وهي متابعة غنية بالفكر الفلسفي وعلم النفس والاحياء وبالنظريات الموسيقية، وكلها تجاهد من اجل تحديد معنى للموسيقى الخالصة التي لا تعتمد على الكلمة.
يعتبر المؤلف ان اول نوتة موسيقية للحداثة وردت داخل الحركة الاولى من السيمفونية الثالثة لبيتهوفن ـ وهو الرأي الذي ورد اول مرة على لسان فاجنر ـ ومعها اهتزت اركان السباق الذي يتصف باللاعقلانية القديمة واستبدل بسلطة الانسان.
هل الموسيقى فن يحيل الى معنى وراءه ام انها فن مكتف بذاته ولا يعني إلا ذاته، وهو ما يطلق عليه الموسيقى الخالصة او المجردة او الصافية؟ للاجابة عن هذا السؤال صدر كتاب في مدينة كمبردج البريطانية بعنوان «الموسيقى الخالصة وبنية المعنى» لمؤلفه دانييل تشوا يتبع فيه المؤلف جذور صناعة المعنى في الشكل الموسيقي من ناحية، ثم يؤرخ للموسيقى الخالصة المكتفية بذاتها ولا تعني الا ذاتها من ناحية اخرى.
اعترف ارسطو قديما باستحالة تحديد طبيعة الموسيقى، ويبدو ان تعريف الموسيقى لم يكن امرا سهلا او يسيرا على الفكر الانساني منذ ارسطو وحتى الآن، لكن في المرحلة المبكرة من القرن العشرين كانت النغمة الموسيقية مميزة بفعل انتظام ذبذباتها وهو انتظام يعطيها درجتها الصوتية ويميزها عن الضوضاء، اما في النصف الثاني من القرن العشرين فقد اصبحت هذه الضوضاء ذاتها تعامل باعتبارها عنصرا في التأليف الموسيقي.
وفيما يتصل باعتبار الموسيقى لغة او فيما يتصل بعلاقتها بالتعبير عن المشاعر او بأي مرجع آخر وراءها فان مثل هذه المشاعر الفكرية اتت بها موجة المرحلة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر حيث ظهر لاول مرة الموسيقي الناقد بعد ان كانت الهموم الموسيقية النظرية مقتصرة على مفكري الفلسفة وحدهم.
صاغ فلاسفة القرن التاسع عشر وشعراؤه مصطلح الفن الموسيقي الخالص او المجرد او الصافي من اجل ان تكون موسيقى الآلات المجردة من الكلمة ومن صوت الغناء البشري مفتاحا لمعنى الحياة كلها لانها غير مقيدة بأي كلمة او نص او فكرة ولانها تعني شيئا فهي حرة في ان تعني كل شيء.
ان الهيام المسحور بتأمل الاعماق الموسيقية وبمتابعة المعاني الخفية لجوهر الموسيقى الخالصة جعل المؤلف يوزع كتابه على ثلاثة اقسام: العودة وثمرة المعرفة وبرج بابل، ثم يوزع هذه الاقسام على عدد كبير من المعالجات القصيرة المكثفة حول التاريخ والحداثة والمكان والاسلوب بصورة لا تغفل المتابعة المنطقية وان كانت المعالجة المكثفة كثيرا ما تحاذي اللغة الغامضة الملتبسة او التجريد وليد النشوة.
يرى الكاتب دانييل تشوا مؤلف كتاب «الموسيقى الخالصة وبنية المعنى» ان الرومانتيكيين نقلوا الموسيقى من حقل الواقع التاريخي وحشروها في عالمها المنفصل الخاص، حيث تعكس اشاراتها بعضها بعضا داخل استقلال خالص، وهذا يعني ان التاريخ شيء ما خارج الموسيقى وزيادة مضافة مما جعل المؤرخين يلوذون بالصمت عجزا إزاء صفائها الخالص المبهم وإزاء ظاهرة الجمهور الصامت عند الاصغاء.
وفي اعتقاد الكاتب ان عصر التنوير الكبير الذي حرر العقل من الوهم او السحر، حرر ايضا الموسيقى من السحر، ومع ذلك فإن السحر الذي كان جوهر الموسيقى هو الذي فصلها عن الوحدة التي كانت تربطها بالكون اللامحدود.
جاء فيثاغورس الموسيقي الرياضي لكي يرى الكون متناغما بنسب دقيقة ويرى الموسيقى انعكاسا مسموعا لتلك الموسيقى عبر وساطة الروح الانساني، ثم جاء جاليليو مع الواقع التجريبي الذي جعل الموسيقى تنحدر الى الارض كشيء مسموع منفصل عن القيم. وبعد ذلك جاء الفكر الحديث الذي ينزع الى الانقسام والتوزيع بدل الوحدة التي حققتها الطبيعة القديمة والذي معه انفصل الصوت عن النص بعد ان كانا كينونة واحدة.. ومع مرحلة الاصلاح الديني انسحب الصوت الموسيقي من العالم باعتباره قشرة اللغة ولم يبق منه الا دوره كوسيط آلي ناقل لمعاني الكلمات. وهكذا اصبحت الموسيقى تعقلن ما هو طقسي وشعائري ولم تعد الموسيقى تعكس الاغنيات العصية على الوصف بل تعكس المفاهيم المعلنة من العقل الى القلب.
ونشوء الاوبرا في مطع القرن السابع عشر لم يكن الا توقا الى الماضي المثالي الذي كانت وحدة الموسيقى والكلمة فيه مطلقة. لكن مع ذلك بدأت الموسيقى في زمن الاوبرا تتابع تغيرات نبرات الكلام واصبحت وليدة اجبار قسري من فعل الانسان الحديث الذي حول هارموني الكواكب الى مجرد اغنية للنفس.
يتابع المؤلف في الكتاب حركة الحضارة الغربية من الرؤية السحرية للعالم الى الرؤية التي اصبح فيها الانسان مراقبا منفصلا يضع مقاسات للاشياء ويسيطر عليها، وهي متابعة غنية بالفكر الفلسفي وعلم النفس والاحياء وبالنظريات الموسيقية، وكلها تجاهد من اجل تحديد معنى للموسيقى الخالصة التي لا تعتمد على الكلمة.
يعتبر المؤلف ان اول نوتة موسيقية للحداثة وردت داخل الحركة الاولى من السيمفونية الثالثة لبيتهوفن ـ وهو الرأي الذي ورد اول مرة على لسان فاجنر ـ ومعها اهتزت اركان السباق الذي يتصف باللاعقلانية القديمة واستبدل بسلطة الانسان.
