قاهر الروافض
زيزوومى محترف
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
متى سيسقط الأسد وكيف؟../ ياسر الزعاترة
الدستور الأردنية
لعل السؤال الأصعب الذي يواجهه المتابع للشأن السوري هو ذلك المتعلق بالمدة التي ستستغرقها معركة إسقاط نظام بشار الأسد، وقبل ذلك الكيفية التي ستتم من خلالها العملية.
الشيء المؤكد هو أن الشعب السوري قد كسر حاجز الخوف، ولم تعد لديه أية نوايا للتعايش مع هذا النظام، أكان بصيغته الحالية، أم بصيغة معدلة يمكن طبخها من أجل تجنب السقوط.
والواضح أيضاً أن أطواق العزلة (العربية والإقليمية والدولية) ما زالت تشتد من حول النظام، ولولا الإصرار الإيراني على دعمه بكل وسيلة ممكنة لكان وضعه أسوأ بكثير.
على أن الذي لا ينبغي تجاهله في المقابل هو أن حجم الحراك الشعبي لا زال ضمن قدرة النظام على المواجهة، لاسيما أن مشاركة دمشق وحلب لا زالت محدودة (القبضة الأمنية الرهيبة هي السبب الأكثر أهمية)، كما أن النظام لا يزال متماسكا إلى حد كبير، حيث لم تحدث في صفوفه انشقاقات تستحق الذكر، لا في المؤسسة الأمنية ولا العسكرية، ولا حتى السياسية.
يحدث ذلك تبعاً لوجود بنية صلبة يعتمد النظام عليها، أعني الطائفة العلوية التي يصعب القول إنها في وارد التخلي عنه ضمن الظرف الراهن، ويمكننا بعد ذلك إضافة نسبة كبيرة من الدروز، وبقدر ما من المسيحيين الذين يجري تخويفهم من البديل الإسلامي القادم.
قد يرى البعض أننا دخلنا في التصنيفات الطائفية والمذهبية، متجاهلا أننا نحلل الموقف ولا نمارس التكفير أو نتبنى الإقصاء لأي مواطن أياً يكن دينه أو مذهبه، لكن الفئات الاجتماعية غالباً ما تحدد مواقفها بناءً على مصالحها، لاسيما أن مصلحة الوطن هي محض شعار يمكن لكل أحد أن يدعي تبنيه.
سيقول آخرون إننا نتجاهل هنا فئات معتبرة من السنّة لا يزالون يرفضون الثورة، وأقله يقبلون الوضع القائم، وهذا صحيح إلى حد كبير، وهو تحديداً ما يمنح الفئات الأخرى فرصة تأييد النظام من دون الشعور بعقد الطائفية أو المذهبية.
في ضوء ذلك كله تبدو الصورة بالغة التعقيد لجهة الإجابة على سؤال متى وكيف سيسقط النظام السوري، بل ربما أضاف البعض إليه سؤالاً يتعلق بما إذا كان سيسقط بالفعل أم لا؟!
هنا يبرز سؤال العمل المسلح الذي توفر في بعض المدن والمناطق السورية، والذي يستقي مدده من شبان ينشقون عن الجيش، ومن آخرين يميلون إلى هذا اللون من النشاط المسلح رداً على عنف النظام، ولعل كلام رئيس الوزراء التركي عن تكرار النموذج الليبي يشير إلى هذا البعد، ما يطرح بالضرورة سؤالاً يتعلق بتطور هذا البعد المسلح، ومعه الموقف التركي وسط هذا السيل من التهديدات التي لا يعرف ما إذا كانت ستتحول إلى فعل مباشر، أم ستبقى محصورة في إطار الضغوط السياسية والانسجام مع الوضع الدولي في ضغطه على النظام.
من الأفضل بالطبع أن يتواصل الفعل الشعبي السلمي في مواجهة النظام لأنه الأقدر على صناعة الانتصار في حال اتسع نطاقه بشكل متواصل وشمل جميع المدن بمن فيها دمشق وحلب. ولكن سؤال العمل العسكري ونتائجه تبقى قائمة، ومعه سؤال التدخل الإيراني والمدى الذي يمكن أن يصل إليه، أكان في مواجهة الشارع في الداخل، أم في مواجهة أي تدخل تركي.
والحال أنه كلما أوغل النظام في الدماء، كلما تدهور وضعه وتزايدت أخطاؤه، وهو ما سيدفع الفئات المترددة نحو الانضمام إلى المعركة، لاسيما إذا شعرت أن النظام آيل للسقوط في المدى القريب، أكان بسبب التطورات الداخلية أم الضغوط الدولية.
هنا ينهض سؤال الحرب الأهلية في حال استنجد النظام بطائفته وورطها أكثر في النشاط العسكري تحت مسمى «الشبيحة» أو ضمن كتائب خاصة، وهو ما قد يفضي في وقت من الأوقات إلى التقسيم، وذلك بسيطرة العلويين على الساحل بعد عمليات تطهير عرقي لسكانه السنّة.
هو مجرد احتمال تحدث عنه البعض، فيما كررته دوائر بحثية "إسرائيلية"، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة، والأرجح أن يواصل النظام معركته حتى يسقط بالكامل، مع العلم أن فئات علوية قد أصدرت بيانات تؤكد رفض اعتبارها في جيب النظام وسندا لممارساته، وهذا شيء جيد من دون شك.
ما ينبغي أن يقال هنا هو ذاته الذي قلناه ونكرره في السياقات الأخرى، وهو أننا إزاء تحولات تاريخية تؤثر فيها عوامل كثيرة، ويصعب الجزم بنتائجها القريبة، ولا بكيفية حدوثها، لكن المؤكد هو أن الانتصار سيكون حليف الشعوب في مواجهة القمع والفساد، والشعب السوري خرج يطلب الانتصار، ولن يعود قبل أن يتحقق له ما أراد، طال الزمان أم قصر.
