aldossry007
زيزوومى محترف
غير متصل
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

ألتقته وهي في الثلاثين من عمرها
فى وقت ظنت انها فقدت القدرة على الحب والحلم والالم
فى وقت ظنت انها فقدت القدرة على الحب والحلم والالم
واشياء اخرى تحتاج اليها المرأة فى منتصف العمر
وبعد ان ذاقت من الاشياء امرها
وبعد ان مرت بظروف حملتها من الالم فوق طاقتها
وبعد ان اتسعت الفجوة بينها وبين الفرح
واصبحت السعادة من مستحيلات حياتها
عندها.. جاء هو بقلبه الكبير..
وببحور حنانه الباحثة عن انثى تكون نصف قلبه الاخر
اقترب منها كالاحلام الهادئة
عشقها بصدق فرسان الحكايات القديمة
وطرق بابها فى اشد مراحل عمرها ظلمة ليمنحها باقة من النور
لم يكن اخر اطواق النجاة بالنسبة اليها
بل كان كل الشاطئ والقبطان والسفينة
غيرها تماماً.. نسفها داخلياً وخارجياً..
لون كل المساحات السوداء فى داخلها
فتعلقت به تعلق الام بطفلها
وتعلق الانثى بفارسها
وتعلق الانسان بوطنه
وشعرت معه بأمان لم تشعر به طيلة سنواتها
اقترب من اعماقها اكثر
ملأ احساسها كالدم
وملأ حياتها كالهواء
كانت تنام على وعوده
وتستيقظ على صوته
تمادت معه باحلامها
منحت نفسها حق الحلم كسواها
حلمت باطفال بعدد نجوم السماء
وبقدرة الهية تهديه اياها
وبليلة من العمر تجمعها فى جنة فوق الارض وتعيش فيها معه
كان رجلاً رومانسياً شفافاً
بادلها احلامها بنقاء
لم تكن بالنسبة اليه حكاية يسعى الى انهاء دوره فيها
ولم يكتب رقماً قياسياً فى اجندته
ولم يسجلها موعداً قابلاً للانتهاء
كانت شيئاً اخر.. واحساساً مختلفاً
وامرأة لايمكن تصور حياته من دونها
اعتادت وجوده في حياتها
تماماً كما اعتاد هو على وجودها في عالمه
كان احساسها طاهراً نقياً
لم تدنسه مواعيد الغرام
ولم تلوثه اللقاءات المحرمة
كان يصونها كعرضه
وكانت تحفظه كعينيها
سألها يوماً : ماذا لو خنتك ؟
قالت : سأقتلك
وقال : ماذا لو مت ؟
قالت : ستقتلني
عندها ادرك انها امرأة ترفض الحياة بغير وجوده
فتمسك بحياته اكثر
وتمنى ان يعيش الى الابد كي يجنبها الم فقدانه وفجيعة رحيله
منذ ان عرفته وهي تعشق المساء جداً
ففي المساء ياتي صوته حاملاً لها فرح العالم كله
ويعيدها رنين هاتفه الى الحياة التي تفارقها حين يفارقها
وما ان ترفع سماعة الهاتف حتى يبادرها متسائلاً :
من تحبين اكثر ؟ انا ؟ ام انا ؟
فتجيبه بطفولة امرأة عاشقة :
احبك انت اكثر .. من .. انت ..
ثم يتجولان معاً فى عالم من الاحلام الجميلة
وهذا المساء انتظرت صوته كالعادة
ومرت الدقائق .. وتلتها الساعات
شئ ما فى قلبها بدأ يشتعل
شئ ما تتجاهل صوته لكنه يلح
شئ ما يصرخ فيها انه لن يعود
وشئ ما يوقظ فى داخلها كل شكوك وظنون الانثى فى لحظة الانتظار
ترى هل نسى ؟
هل خان ؟
هل .. رحل ؟
ومع اول اشعاع نور
حادثها احدهم ليخبرها بضرورة وجودها في المستشفى
لان احدهم يصر على رؤيتها قبل دخوله غرفة العمليات
وهناك التقته .. باسماً في وجهها كعادته برغم الالم
قال لها : سامحيني
اعلم ان رحيلي سيسرق منك كل شئ
واعلم كيف ستكون لياليك بعدي
واعلم مساحة الرعب التي سيخلفها رحيلي في داخلك
واعلم انه لاشئ سيملأ الفراغ خلفى
واعلم كم ستقتلك الذكرى
واعلم تحت اي مقاصل العذاب ستنامين
وفي اي مشانق الانتظار ستتعلقين
واعلم كم ستبكين وكيف ستبكين
واعلم اني قد خذلتك واعلم انك ستغفرين
ومضى الى مصير تجهله
كانت رائحة الوادع تملأ حديثه
لكنها تعلقت باخر قشة للامل
وانتظرت
وانتظرت
وكانت تردد بينها وبين نفسها
ماذا لو انه رحل ؟
ماذا سيكون لون حياتها ؟
بل ماذا سيتبقى من حياتها ؟
لم تحتمل ثقل سؤالها فجلست فوق الارض
وماعادت قدماها تقويان على حملها
استندت الى الجدار في انتظار حكم الحياة عليها
ومن بعيد لمحته يأتي
يتقدم نحوها
انه الطبيب الذي اجرى له العملية
تمنت ان يقف مكانه
ان لايتقدم اكثر
ان لايفتح فمه بنبأ رحيله
دقات قلبها تزداد .. انفاسها تتصاعد
ترى .. هل رحل ؟
اغمضت عينيها
ووضعت يديها على آذنيها
لاتريد ان تسمع .. لاتملك القدرة على ان تسمع كهذا النبأ
لا احد يعلم كم من الوقت مر قبل ان يصلها الطبيب
ربما لحظات.. وربما سنوات
لكنه اخيراً وصل
وقف امامها باسماً .. قائلاً :
كتب له عمر جديد يا سيدتي
نجحت العملية .. وسيعيش
وانتظر ان ينطلق منها صوت الفرح
لكنها صمتت
لم تنطق
ولن تنطق ابداً
لقد رحلت .. قتلها الانتظار والخوف والترقب
وصلت بتعلقها به الى درجة رفض الحياة في غيابه
ترى ؟
مــن قــتــل مــن ؟ ؟ ؟
مـــا هو رأيــكــم ؟ ؟
مــــــــــــــ تحياتي ــــــــــــــع
