كلما تأملنا في القرآن وفي أسلوبه، وجدنا أنه بحق لا ريب فيه، لأنه لا أحد يستطيع أن يأتي بآية، فما بالك بالقرآن. فهذا الكتاب ارتفع فوق كل الكتب، وفوق مدارك البشر، يوضح آيات الكون، وآيات المنهج، وله في كل عصر معجزات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن القرآن الكريم- كتاب الله عز وجل- هو منهاج حياتنا كلها وهو أصل الأدلة والأحكام الشرعية، جعله الله سبحانه وتعالى آخر رسالاته لهداية البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور وتحقيق مصالحها الدينية والدنيوية.
والقرآن الكريم هو كلام الله المعجز المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ العربي المتعبد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر في المصاحف، والمبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، أودع الله سبحانه فيه الهدى والنور والرحمة والسعادة والشفاء، وأبان فيه العلم والحكمة والحكم والتشريع. من سار عليه وعمل به سلم وهدي إلى صراط مستقيم.
قال تعالى: ﴿قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾ [المائدة: 15، 16].
إن القرآن الكريم هو هدى الله تعالى، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليكون طريقًا للمؤمنين، يسيرون على هديه ويتبعون منهجه.
والقرآن الكريم هو روح الأمة الإسلامية، به حياتها وعزها ورفعتها، قال تعالى مخاطبًا رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم : ﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا﴾ [الشورى: 52].
فالقرآن الكريم روح يبعث الحياة ويحركها وينميها في القلوب، وفي الواقع العملي المشهود. والأمة بغير القرآن أمة هامدة لا حياة لها ولا وزن ولا مقدار.
والقرآن الكريم هو النور الهادي إلى الصراط المستقيم، نور تخالط بشاشته القلوب التي يشاء الله لها أن تهتدي به، قال تعالى: ﴿أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون﴾ [الأنعام: 122].
إن القرآن الكريم هو الكتاب الخالد الذي ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ [فصلت: 42].
وقد تكفل الله تعالى بحفظه فقال: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر: 9. ]