"من بورك له في شيء فليلزمه" كلمة عجيبة لو توزن بالذهب لوزنته يعني: إذا عمل الإنسان عملا ورأى فيه البركة والثمرة فليلزمه ولنضرب لهذا مثلا بحال طالب العلم الذي شرع في دراسة كتاب أو مراجعته ووجد فيه خيرا ووجد أنه يستفيد وينتفع فنقول له: الزم هذا وأكمله ولا تقل: هذا كتاب مختصر قليل.
وهنا مسألة أيضا ترد علي ويمكن عليكم، مثلا يريد الإنسان أن يطالع مسألة في الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، يراجع الفهرس ليقرأ عليه، ثم يلاحظ مسألة ثانية يروح يناظر، يضيع عليه الوقت، يريح يناظر الأصل الذي هو قاصد يروح، ربما يرجع بعيدين يدور تعرض له مسألة الثانية ويقول: خلي نشوف، ثم يضيع عليه الوقت، ولهذا كان من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبدأ بالشيء الذي يريده، لما دعاه عتبان بن مالك رضي الله عنه ليصلي في مكان في بيته يتخذه مصلى، خرج النبي عليه الصلاة والسلام إليه ومعه بعض أصحابه، فلما دخل البيت قال: يا رسول الله قد صنعت لكم طعاما قال: ( أرني المكان الذي تريد أن أصلي فيه ) قبل الطعام، لماذا ؟ لأنه جاء إلى هذا الغرض، ابدأ بالغرض الذي أنت أتيت إليه، فهذه مسألة ينبغي للإنسان أنه يجعلها على باله في تصرفاته في العلم، وحتى في الدنيا أيضا حتى في الدنيا، مثلا بعض الناس التجار يتعامل بالبز، تعرفون البز ؟ القماش، ثم يسمع أن فيه واحد من الناس اشترى أرضا وباعها وكسب فيها، قال: خلاص بطلنا نروح إلى الأراضي، ثم يسمع أن واحدا يكسب بالسيارات، يقول: بطلنا ثم تضيع عليه الأمور، لا، فإذا كان قد وجد بركة في التجارة الأولى يستمر عليها لا يعود نفسه في الانتقالات التي لا فائدة فيها، وهذه نأخذها من قوله: (( إذا عزمت فتوكل على الله )) إذا كنت ذا عظيمة اعتمد على عزيمتك
بن عثيمين رحمه الله
تفسير سورة آل عمران