كان القعنبي يشرب النبيذ ويصحب الأحداث-قطاع الطرق ومدمنى الخمور-، فدعاهم يوماً لشرب النبيذ وقد قعد على الباب ينتظرهم ، فمر شعبة بن الحجاج -أمير المؤمنين في الحديث- على حماره والناس خلفه يهرعون
فقال: من هذا ؟
قيل: شعبة .
قال: و من شعبة ؟
قالوا: محدث .
فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له: حدثني .
فقال له: ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك .
فأخرج سكينا وقال: تحدثني أو أجرحك ؟
فقال له: حدثنا منصور عن رِبّعيّ بن حراش عن أبي مسعود البدري قال: ️قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ ما شئت ) .
فاستحيى القعنبي ورمى سكينه ورجع إلى منزله ، فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فأهرقه ، وسأل: من أعلم الناس ؟
فقالوا له: مالك .
فمضى إلى المدينة ولزم مالك بن أنس وحفظ عنه الموطأ ، ثم رجع إلى البصرة ، فسأل عن شعبة
فقالوا له: مات .
فما روى القعنبي عن شعبة إلا هذا الحديث .
عن الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ ، عن منصور ، عن ربعي بْن حِرَاشٍ ، عَن أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ ، قال:
قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ ما شئت».
وصار القعنبي إماما فى الفقه والحديث ، وكان عابدا زاهدا فاضلا وهو أوثق من روى الموطأ ، قال علي بن المديني ، عن أبيه ، قال: " لا يقدم أحد من رواة الموطأ على القعنبي " .
___

~الجرح والتعديل لابن أبى حاتم{ صفحة/ ٥/١٨١}]
~[ وَفيات الأعيان لابن خلكان{صفحة ٣/٤٠} ]
~[ سِير أعلام النبلاء للذهبي {ص١٠/٢٥٧}]