(3) الشَّيْخُ الرَّئِيْسُ/ ابْنُ سِيْنَا (370 - 428هـ = 980 - 1037م)
هُوَ: الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ سِينَا البَلْخِيُّ، ثُمَّ البُخَارِيُّ؛ أَبُو عَلِيٍّ.
وُلِد في قرية أَفْشَنَة بالقرب من بُخَارَى (في أوزبكستان حالياً) من أب من مدينة بَلْخ (في أفغانستان حاليًا) وأم قروية .. عُرف باسم الشَّيخ الرَّئيس، وسمَّاه الغَربيُّون: "أبو الطب الحديث".
برأي أستاذ تاريخ العلوم الدكتور/ جورج سارتون فإن الفيلسوف ابن سينا "هو أعظم علماء المسلمين".
بَرَع ابْنُ سِينَا في مختلف أنواع المعرفة وخاصةً الطِّب والفلسفة، وله العديد من الإبداعات والممارسات الطبية المميزة؛ فهو أول مَنْ وصف القولنج الكلوي الناتج عن حصيات الحالب والمثانة واقترح عدة طرق لعلاجه، وكذلك فإن توصيفه لالتهاب السحايا مثير للدهشة لدقته وأصالته، وبحث أيضاً في علم الطفيليات وتحدّث بالتفصيل عن عدة أنواع من الديدان المعوية التي تصيب الإنسان .. ولكنَّ شهرته الطبية تعود بشكل أساسي لكتاب "القانون في الطب" الذي استغرق أغلب عمره في تأليفه وأكمله عام 1025م، وقسّمه لخمسة أبواب رئيسية:
الأول: يبحث في مبادئ وأساسيات علم الطب والفيزيولوجيا.
الثاني: سَرد فيه مئات الأدوية والعقاقير الطبية مع ذكر خصائصها واستطباباتها وحدّد جرعاتها العلاجية.
الثالث: تحدَّث عن الأمراض التي تصيب عضوًا بمفرده من الجسم ووصف أعراضها وعلاجها.
الرابع: وفيه تحدَّث عن الأمراض التي تؤثِّر على الجسم بأكمله.
الخامس: خصَّصه بشكل كامل لعلم الصيدلة.
لقد تفوّق كتاب "القانون" في الطب على جميع الكتب الأخرى التي سبقته وحلّ محلّ كتب أبقراط وجالينوس والرَّازي وتُرجم في القرن الثاني عشر الميلادي إلى اللاتينية على يد الإيطالي جيراردو الكريموني، ومنها تُرجم إلى العِبرية وسائر لغات أوروبا، وبَقِي المرجع الأول في الطب في أغلب أنحاء العالم لأكثر من 600 عام!! وعنه قال الدكتور/ وليام أوسلر: "إن كتاب القانون في الطب ظلّ الكتاب الطبي المقدَّس في العالم أكثر من أي كتاب آخر". ولا أدلّ على أَهميّة هذا الكتاب وعَظَمته من أنّه كان من بين الكتب القليلة التي طبعها جوتنبرج عندما اخترع أول آلة طباعة في منتصف القرن الرابع عشر!