• بادئ الموضوع بادئ الموضوع Mr. HATEM
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • المشاهدات 1,346

Mr. HATEM

زيزوومي VIP
إنضم
6 مايو 2020
المشاركات
4,128
مستوى التفاعل
8,887
النقاط
3,760
الإقامة
Egypt
غير متصل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ والمُرسَلِين نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

وبَـــعـــْـــــــدُ

لاَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِمَنْ اشْتَغَلَ بِالأَدَبِ العَرَبِيِّ فَضْلُ الجَاحِظِ فِي إِثْرَاءِ الأَدَبِ العَرَبِيِّ بِكِتَابَاتِهِ الغَنِيَّةِ بِكُلِّ غَرِيْبٍ وعَجِيْبٍ ومُفِيْدٍ فِي نَفْسِ الوَقْتِ، مِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ سَأَقُومُ بِعَرضِ مَا كَتَبَهُ الجَاحِظُ فِي بَعضِ كُتُبِهِ فِي "الأَدَبمَعَ تَلْخِيْصِ مَا يُمْكِنُ تَلْخِيصُهُ مِمَّا كَتَبَهُ، بِالإِضَافَةِ إِلَى عَنْوَنَةِ المَوَاضِيْعِ المَطْرُوحَةِ مَعَ تَطْرِيزَهَا بِالآيَاتِ القُرآنِيَّةِ الكَرِيمَةِ والأَحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيْفَةِ.

وأَسْأَلُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيْمَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ وإِيَّاكُم


حَــاتــِـم أَحــمَـــد

 

توقيع : Mr. HATEM
(1) مَحَاسِنُ الدُّنْيَا

- قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}. سورة فَاطِر، الآية رقم: 5

- وقال اللهُ تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}. سورة الشُّورى، الآية رقم: 20

- وقال اللهُ تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. سورة الحَدِيد، الآية رقم: 20

- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ». رواه مُسلِم (4/ 2742)


-- قال الجَاحِظُ:

- قال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "الدُّنيا دار صدق لمَن صدقها، ودار عافية لمَن لها عنها، ودار غنى لمَن تزوَّد منها"؛ ثم التفت إلى قبور هناك، فقال: "يا أهل الثَّراء والعِزّ، الأزواج قد نُكِحت، والأموال قد قُسِمت، والدُّور قد سُكِنت، هذا خير ما عندنا، فما خير ما عندكم؟!" ثم قال لمَن حضر: "واللهِ، لو أُذِن لهم لأجابوا بأن خير الزَّاد التقوى".

- وقال أبو حازم المديني: "الدنيا طالبة ومطلوبة؛ طالب الدنيا يطلبه الموت حتى يخرجه منها، وطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى توفيه رزقه".

- وقال الحسن البصري: "بينا أنا أطوف بالبيت، إذا أنا بعجوز متعبدة، فقلتُ: "مَن أنتِ؟!" فقالت: "مِن بنات ملوك غسَّان"، قلتُ: "فمِن أين طعامك؟!"، قالت: "إذا كان آخر النهار، جاءتني امرأة متزينة، فتضع بين يدي كوزاً من ماء، ورغيفين"، قلتُ لها: "أتعرِفينها؟!"، قالت: "اللهم لا". قلتُ: "هي الدنيا؛ خدمت ربك عزَّ وجَلَّ، فبعث إليك الدنيا فخدمتك".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(2) مَحَاسِنُ حُبِّ الوَطَنِ

-- قال الجاحظ:
- يُقَال: بِحُبِّ الأَوطان عُمِّرت البُلْدان:".

- وقال بَعض الحُكَماء: "عُسْرك في بَلَدك خير مِن يُسْرِك في غُربَتِك".

- وقِيلَ لِإعرابي: "مَا الغِبْطَة؟! قال: الكِفَاية ولُزُوم الأَوْطان والجُلُوس مع الإِخْوَان. وقيل: فَمَا الذُّل؟! قال: التَّنقُّل في البُلْدانِ والتَّنَحِي عَن الأَوْطَان.

- وقال بَعضُ الأُدّباء: الغُربة ذِلّة، والذِّلة قِلّة".

- وقال الآخَر: "لا تَنْهض عن وطنك ووكرك فتنقصك الغُربَة وتصمتك الوحدة.

- وقد قيل: "أَحَقُّ البُلْدان بِنزاعك إليها بَلَد أَمَصّك حَلْب رَضَاعه".

- وقيل: "احفظ أرضاً أرسخك رضاعها، وأصلحك غذاؤها، وارع حمى اكتنفك فناؤه".

- وقيل: "لا تَشْكِ بلداً فيه قَبَائِلك".

- وقيل: "مِن عَلاَمة الرُّشد أَن تَكون النَّفس إِلى أَوطَانها مُشتَاقة، وإِلى مَوْلِدها تَوّاقة".

وقال جالينوس: "يَتَرُّوح العَلِيلُ بِنَسِيم أَرضِه كَمَا تَتَروّح الأَرض الجَدبَة بِبَلّ المَطَر".

- وقال بقراط: "يُدَاوى كُلّ عَلِيل بِعقَاقِير أَرضِه".

- وشَبَّهت الحُكَمَاءُ الغَريبَ بِاليتِيم اللَّطِيم الَّذي ثَكَل أَبَويه، فلا أُمّ ترأمه ولا أَبّ يَحدَب عليه".
*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(3) مَحَاسِنُ طَلَبِ الرِّزْقِ

- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}. (سورة المُلْك: آية 15)

-- قال الجَاحِظُ:

- قال عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ السُّلَمِيُّ: "مَن لم يقدمه الحَزم أخره العَجز".

- وقال عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الخُزَاعِيُّ: "مَن سَعَى رَعَى، ومَن لَزَم المَنَام رَأَى الأَحلاَم".

- وقال بعض الحكماء: "لا تَدع الحِيلَة في التِمَاس الرِّزق بكل مَكَان، فإن الكَريم مُحتَال والدَّنِيء عَيَّال".

- وتقول العَامّة: "كَلْبٌ جَوَّال خَيْر مِن أَسَد رَابِضٍ".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(4) مَحَاسِنُ الصُّحْبَةِ

-- قال الجاحظ:

- قيل: قال عَلقمة بن لَيث لابنه: "يا بني، إن نازعتك نفسك إلى الرجال يوماً لحاجتك إليهم فاصحب مَن أن صحبته زانك، وإن تخففت له صانك، وإن نزلت بك مؤونة مانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّد صولك، اصحب مَن إذا مددت إليه يدك لفضل مدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن بدت منك ثلّة سدّها، واصحب مَن لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائف ولا يخذلك عند الحقائق".

- وقال آخر: "أصحب مَن خولك نفسه وملكك خدمته وتخيرك لزمانه، فقد وجب عليك حق وذمامه".

- وكان يقال: "مَن قبل صلتك فقد باعك مروءته وأذل لقدرك عزه".

- وقال بعضهم لصاحبه: "أنا أطوع لك مِن اليد وأذل مِن النّعل".

- وقال بعضهم: "إذا رأيت كلباً ترك صاحبه وتبعك فارجمه، فإنه تاركك كما ترك صاحبه".

- وقال ابن أبي داود لرَجُل انقطع إلى محمد بن عبد الملك الزّيّات: "ما خبرك مع صاحبك؟! فقال: لا يقصر في الإحسان إلي. فقال: يا هذا إن لسان حالك يكذب لسان مقالك".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(5) مَحَاسِنُ المُخَاطَبَاتِ


-- قال الجاحظ:

- حَكُوا عن ابْنِ القِرِّيَّةِ إنه دخل على عبد الملك بن مروان، فَبَيْنَا عنده إذ دخل بَنُو عبد الملك عليه فقال: "مَن هؤلاء الفِتْيَة يا أمير المؤمنين؟" قال: "وَلَدُ أَمِير المؤمنين". قال: "بارك اللهُ لك فيهم كما بارك لأبيك فيك، وبارك لهم فيك كما بارك لك في أبيك". فَشُحِن فَاهُ دُرًّا!!

- ودخل المَأْمُونُ، ذات يوم الدِّيوان، فنظر إلى غلام جميل، على أُذُنِه قَلَم، فقال: "مَن أنتَ؟" قال: "أنا النّاشئ في دولتك، المتقلّب في نعمتك، المؤمّل لخدمتك، الحسن بن رجاء". فقال المَأْمُونُ: "بالإحسان في البَديهة تتفاضل العُقول، يُرفَع عن مرتبة الدِّيوان إلى مراتب الخاصة، ويُعطَى مائة ألف درهم تقويةً له!!

- وقدم أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ على الأَمِيْرِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ، فقال: "أصلح اللهُ الأميرَ، إني قد قطعت إليك الدَّهْنَاءَ، وضَرَبتُ إليك آباط الإبل من يَثْرِب". فقال المُهَلَّبُ: "فَهَلاَّ أتيتنا بوسيلة أو عِشرة أو قَرابة؟"، قال: "لا، ولكني رأيتك لحاجتي أهلاً، فإن قمتَ بها، فأهل ذلك، وإن يَحل دونها حائل، لم أُذمِم يومك، ولم أيأس من غَدِك". فقال المُهَلَّبُ: يُعطَى ما في بيت المال!! فَوُجِد مائة ألف درهم، فَدُفِعَت إليه.

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(6) مَحَاسِنُ المَشُوْرَةِ


- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}. (سُورَة الشُّورَى: آية رقم 38)؛ أَيْ: لَا يُبْرِمُونَ أَمْرًا حَتَّى يَتَشَاوَرُوا فِيهِ، لِيَتَسَاعَدُوا بِآرَائِهِم فِي مِثْلِ الحُرُوبِ ومَا جَرَى مَجْرَاهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}. (سُورَة آل عِمْران: آية رقم 159)؛ ولِهَذا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، يُشَاوِرُهُم فِي الحُرُوبِ ونَحْوِهَا، لِيُطَيِّبَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُم .. وهَكَذَا لَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الوَفَاةُ حِينَ طُعِنَ، جَعَلَ الأَمْرَ بَعْدَهُ شُورَى فِي سِتَّةِ نَفَرٍ، وهُمْ: عُثْمَانُ، وعَلِيٌّ، وطَلْحَةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعْدٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِم عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِم، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. (تفسير ابن كثير/ 7/ 211)

-- قال الجاحظ:

- قيل: "إذا استُشِرتَ فَانْصَح، وإذا قَدَرتَ فَاصْفَح".

- وقيل: "مَن وَعَظ أَخَاه سِرًّا زَانَه، ومَن وَعَظه جَهْراً شَانَه".

- وقال آخر: "الاعتصام بالمَشُورَة نَجاة".

- وقال آخر: "حُسْن المَشُورَة مِن المُشِير قضاء حق النّعمة".

- وقال آخر: "نِصف عَقْلك مع أخيك، فاستشره".

- وقال آخر: "إذا أراد اللهُ لعبد هَلاكاً أهلكه برأيه"

- وقال آخر: "المَشُورَة تُقَوّم اعوجاج الرّأي".

- وقال: "إيّاك ومَشُورَة النِّسَاء، فإن رَأْيهنّ إلى أَفَنٍ، وعَزْمهنّ إلى وَهَنٍ".


*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(7) مَحَاسِنُ كِتْمَان السِّرِ

قال الجاحظ:

- قال مُعَاوِيَةٌ، رضي اللهُ عنه: "مَا أَفْشَيْتُ سِرَّي إلى أَحَد إِلاّ أَعْقَبَنِي طُول النَّدَم، وشِدَّة الأَسَف، ولا أَوْدَعتُه جَوَانِح صَدْرِي فَحَكَمْتُه بين أَضْلاَعِي، إِلاَّ أَكْسَبَنِي مَجداً وذِكْراً، وسَنَاءًا ورِفْعَةً".

- وكان يقول: "ما كنتَ كَاتِمَه مِن عَدُّوك فَلا تُظْهِر عليه صديقك".

- وقال عَبْدُ المَلِك بْنُ مَرْوَان لِلشَّعْبِيِّ، لمّا دَخَل عليه: "جَنِّبني خِصَالاً أربعاً: لا تُطْرِيني في وَجْهِي، ولا تُجْرِينّ عليَّ كَذِبة، ولا تَغْتَابنّ عندي أَحَداً، ولا تُفْشِينّ لي سِرًّا".

- وكان المَنْصُورُ يقول: "المَلِكُ يحتمل كل شيء من أصحابه إلّا ثلاثًا: إِفْشَاء السِّرّ، والتَّعَرُّض لِلْحُرُم، والقَدْح في المَلِك".

- وكان يقول: "سِرَّك مِن دَمَّك .. فانظر مَن تَمَلَّكه".

- وكان يقول: "سِرَّك لا تُطْلِع عليه غيرك، وإن مِن أَنفذ البَصَائِر كِتْمَان السِّرّ حتى يُبْرَم المَبْرُوم".

- وقِيْلَ لِأَبِي مُسْلِمٍ: "بِأَي شيء أَدركتَ هذا الأمر؟! قال: اِرتَدَيْتُ بِالكِتْمَان، واتَّزَرْتُ بِالحَزْمِ، وحَالَفْتُ الصَّبْر، فَأَدركتُ طَلِبَتِي، وحُزْتُ بُغْيَتِي".

- وكان يُقَال: "لِكَاتم سِرّه مِن كِتْمَانه إحدى فَضِيلتَين: الظَّفَر بحاجته والسَّلامَة مِن شَرّه، فمَن أَحسَن فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى وله المِنَّة عليه، ومَن أَسَاء فليستغفرِ اللهَ تعالى".

- وقال بعضهم: "كِتْمَانُك سِرَّك يُعْقِبُك السَّلامَة، وإِفْشَاؤُك سِرَّك يُعْقِبُك النَّدَامَة، والصَّبر على كِتْمَان السِّر أَيْسَر مِن النَّدم على إِفْشَائِه".

- وقال بعضهم: "ما أَقْبَحَ بالإنسان أن يخاف على ما في يده من اللُّصُوص فَيُخْفِيه، ويُمَكِّن عَدِوّه من نَفْسِه بِإظْهَاره ما في قَلْبِه مِن سِرّ نَفْسِه وسِرّ أَخِيهِ".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(8) مَحَاسِنُ حِفْظِ اللِّسَانِ


- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. (ق: 18)

- وقَالَ رَسُولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليقُلْ خَيْراً، أوْ ليَصْمُتْ». رَوَاه البُخَاري ومُسْلِم

- وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». رَوَاه البُخَاري ومُسْلِم

- وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمنْ لهُ الجَنَّة». رَوَاه البُخَاري ومُسْلِم

- وقَالَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ». رَوَاه البُخَاري ومُسْلِم


- قال النَّوَوَيُّ: "اعْلَمْ أنَّهُ ينبغي لِكُلّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَماً ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوه، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ". (رياض الصالحين/ 1/ 427)
---------


قال الجاحظ:

- قال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: "مَقْتَـل الرّجُل بين فَكّيه (يعني لسانه)".

- وقال: رُبَّ قَوْل أشدّ مِن صَوْل".

- وقال: "لكل سَاقِطة لاَقِطة".

- وقال المُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ لِبَنِيهِ: "اتقوا زَلّة اللّسان .. فإني وَجدّتُ الرّجُل تَعْثُر قدمه فيقوم من عَثْرَتِه، ويَزَّل لسانه فيكون فيه هَلاكه".

- وقال يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: "ليست خُلَّة من خِلاَلٌ الخير تكون في الرّجُل هي أَحرى أن تكون جامعة لأنواع الخير كلها مِن حِفْظ اللّسان".

- وقال قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ: "يا مَعشَر الناس، إن كلامكم أكثر من صَمتكم، فاستعينوا على الكلام بالصَّمت، وعلى الصواب بالفِكْر".

- وقال عَلِيُّ بنُ عُبَيدَةَ الرَّيْحانيُّ: "الصَّمْت أمان مِن تَحرِيف اللّفظ، وعِصْمة مِن زَيْغ المَنْطِق، وسَلاَمة مِن فُضُول القَوْلِ".

- وقال مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزِيرُ الْمَهْدِيِّ وَكَاتِبُهُ: "كُنْ على التِمَاس الحَظّ بالسُّكُوت أَحْرَص مِنك على التِمَاسه بالكَلاَم".

- وشَتَم رَجُلٌّ المُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، فلم يُجبهُ، فقيل له: "حَلُمْتُ عنه؟!" فقال: "ما أعرف مَسَاوِيه، وكَرِهتُ أن أُبْهِتَه بما ليس فيه".

- وقيل: وكلّم رَجُلٌ سُقْرَاط بكلام أَطَالَه، فقال: "أَنْسَاني أول كلامك طول عهده، وفارق آخره فهمي لتفاوته".

- وقيل: تكلّم أربعة مِن الملوك بأربع كلمات كأنما رُمِيْت عن قوس واحد: قال كِسْرَى: "أنا على رَدّ ما لم أقل أقدر مني على رَدّ ما قلت"؛ وقال قَيْصَر: "لا أندم على ما لم أقل، وقد ندمت على ما قلت"؛ وقال مَلِك الهِنْد: "إذا تكلّمتُ بكلمة مَلَكَتني، وإن كنتُ أملكها"؛ وقال مَلِك الصّين: "عاقبة ما قد جرى به القول أشدّ من النّدم على ترك القول".

- وقال بعضهم: "مِن حَصَافَة الإنسان أن يكون الاستماع أحبّ إليه مِن النُّطق، إذا وجد مَن يَكْفِيه، فإنه لن يُعدَم الصَّمت؛ والاستماع سَلاَمة، وزيادة في العِلْم.

- وقال بعض الحكماء: "مَن قَدَر على أن يقول فيُحسِن، فإنه قادر على أن يَصْمُت فيُحسِن".

- وكان يقال: "يَنْبَغِي للعَاقِل أن يحفظ لِسَانه كما يحفظ مَوْضع قَدَمِه، ومَن لم يحفظ لِسَانه فقد سَلَّطه على هَلاَكه".

- وكان يقال: "مَن سَكَت فَسَلِم كان كَمْن قَال فَغَنِم".
*********

 
توقيع : Mr. HATEM

(9) مَحَاسِنُ الوَفَاءِ

-- قال الجاحظ:

- قيل في المثل: "أَوْفَى مِن فُكَيْهَةُ"؛ وهي امرأة من بَنِي قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَةَ، كان من وفائها: أن "السُّلَيْك بْن السُّلَكَة" عزا بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ، فلم يجد غفلة يلتمسها، فخرج جماعة من بَكْرٍ فوجدوا أثر قدم على الماء، فقالوا: إن هذا الأثر قدم ورد الماء، فقصدوا له، فلما وافى حملوا عليه، فَعَدَا حتى وَلَج قُبّة فُكَيْهَة فاستجار بها، فأدخلته تحت درعها، فانتزعوا خمارها، فنادت إخوتها، فجاءوا عشرة، فمنعوهم منها. قال: وكان سُلَيْكٌ يقول: كأني أجد خشونة شعر استها على ظهري حين أدخلتني تحت درعها.

- ويقال أيضاً: "هو أَوْفَى مِن أُمِّ جَمِيلٍ"، وهي: مِن رَهْطِ ابْنِ أَبي بُرْدَةَ من دَوْسٍ، وكان من وفائها: أن هِشَامَ بْنَ الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ المَخْزُومِيَّ قـتـل رَجُلاً من الأَزْد، فبلغ ذلك قومه بالسراة، فوَثَبُوا على ضِرَارِ بْنِ الخَطَّابِ الفِهْرِيِّ ليقـتـلـوه، فَعَدا حتى دخل بيت أُمِّ جَمِيلٍ وعَاذَ بها، فقامت في وجوههم ودعت قومها، فمنعوه لها؛ فلما وَلِيَ أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، ظنت أنه أخوه فأتته بالمدينة، فلما انتسبت له عرف القصة، فقال: إني لست بأخيه إلا في الإسلام، وهو غاز وقد عرفنا مِنَّتَك عليه". وكَافَأها على صَنِيعَها ذاك.

- ويقال: "أَوْفَى مِن السَّمَوْأَلِ بْنِ عَادِيَا"، وكان من وفائه: أن امْرِأَ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ لما أراد الخروج إلى قَيْصَر استودع السَّمَوْأَلَ دُروعًا له، فلما مات امْرِؤُ القَيْسِ غزاه ملك من ملوك الشام، فَتَحرّز منه السَّمَوْأَلُ، فأخذ الملك ابناً له خارج الحِصن وصاح: يَا سَمْوْأَلُ، هذا ابنك في يدي، وقد علمتَ أن امْرِأَ القَيْسِ ابن عمي وأنا أحق بميراثه، فإن دفعت إليَّ الدروع وإلا ذبـحـتُ ابنك. فقال: أَجّلني. فَأَجلّه، فجمع أهل بيته فَشَاورهم، فكلهم أشاروا بدفع الدُّروع وأن يستنقذ ابنه. فلما أصبح، أَشْرَف عليه وقال: ليس لي إلى دفع الدُّروع سبيل، فاصنع ما أنت صانع!! فـذبـح الملِك ابنه، وهو ينظر إليه، وانصرف الملِك، ووَافَى السَّمَوْأَلِ بالدُّروع في المَوْسِم فدفعها إلى ورثة امْرِؤُ القَيْسِ.

- ويقال: "أَوْفَى مِن الحَارِثِ بْنِ عُبَادٍ"، وكان من وفائه: أنّه أَسَر عَدِيَّ بْنَ رَبِيعَةَ ،ولم يعرفه، فقال له: دُلّني على عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ولك الأَمان، فقال: أنا آمن إن دَلَلتُك عليه. قال: نعم. قال: فأنا عَدِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ؛ فَخَلاَّهُ.

- ويقال: "أَوْفَى مِن عَوْفِ بْنِ مُحَلِّمٍ"، وكان من وفائه: أن مَرْوَانَ القُرَظَ عزا بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ، ففضوا جيشه وأَسَره رجل منهم -وهو لا يعرفه- فأتى به أُمّه فقالت: إنك تختال بأسيرك كأنك جئت بمَرْوَانِ القُرَظِ! فقال لها مَرْوَانٌ: وما تَرجِين مِن مَرْوَانٍ؟! قالت: عِظَم فِدَائِه. قال: وكم تَرجِين مِن فِدَائه؟ قالت: مِائَة بَعِير. قال مَرْوَانٌ: لَكِ ذلك، على أن تَرُدِّيني إلى خُمَاعَة بِنْتِ عَوْفِ بْنِ مُحَلِّمٍ. قالت: ومَن لي بالمائة؟! فأخذ عُوداً من الأرض، وقال: هذا لَكِ! فَمَضت به إلى عَوْفٍ، فاستجار بخُمَاعَةَ ابْنَتَهُ، فبعثت به إلى عَوْفٍ، ثم إن عَمْرَو بنَ هِنْدٍ بعث إلى عَوْفٍ أن يأتيه بمَرْوَانٍ، وكان واجداً عليه في شيء، فقال عَوْفٌ لرسوله: إن خُمَاعَةَ ابْنَتِي قد أَجَارَته. فقال: إن الملِك قد آلَى أن يعفو عنه ويَضَع كَفّه في كَفّه. فقال عَوْفٌ: يَفْضُل ذلك على أن تكون كَفّي بين أيديهما. فأجابه عَمْرٌو إلى ذلك، فجاء عَوْفٌ بِمَرْوَانٍ فأدخله عليه، فَوَضَع يده في يده ووضع يده بين أيديهما، فعَفَا عنه.

- ومنهم الطَّائِيّ صَاحِب النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ، وكان من وفائه: أن النُّعْمَانَ ركب في يوم بُؤسه، وكان له يومان: يوم بُؤس، ويوم نَعيم .. لم يلقه أحد في يوم بُؤسه إلا قـتـلـه، ولا في يوم نَعيمِه إلا حَبَاه وأَعطَاه؛ فاستقبله في يوم بُؤسه أَعْرَابي مِن طَيْءٍ، فقال: حَيَّا اللهُ المَلِكَ، لِي صِبْيَة وصِغَار لم أُوْصِ بهم أحداً، فإن رأى المَلِك أن يأذن لي في إتيانهم، وأُعطِيَه عَهْد اللهِ أن أرجع إليه إذا أَوْصيتُ بهم حتى أضع يدي بين يديه. فَرَّق له النُّعْمَانُ وقال له: لاَ، إلاّ أن يَضْمَنك رجل مِمَنْ مَعَنَا، فإن لم تأتِ قـتـلـنـاه. وكان مع النُّعْمَانِ شَرِيْكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيْلٍ، فنظر إليه الطَّائِيُّ وكَلَّمَه، فقال شَرِيْكٌ: هو عَلَيَّ، أَصْلَحَ اللهُ المَلِكَ. فَمَضَى الطَّائِيُّ وأَجَّل لَه أَجَلاً يأتي فيه، فلما كان ذلك اليوم، أحضر النُّعْمَانُ شَرِيْكاً، وجعل يقول له: إنّ صَدْرَ هذا اليوم قد وَلَّى، وشَرِيْكٌ يقول: ليس لك عَلَيَّ سَبِيل حتى نُمْسِي، فلمّا أَمْسَوا أقبل شَخْصٌ والنُّعْمَانُ يَنظر إلى شَرِيْكٍ، فقال شَرِيْكٌ: ليس لك عَلَيَّ سَبِيلٌ حتى يَدنوَ الشَّخْص فَلَعلّه صَاحِبي، فبينما هما كذلك أقبل الطَّائِيُّ، فقال النُّعْمَانُ: واللهِ، ما رأيتُ أَكرم مِنْكُما! وما أدري أَيُّكما أكرم؟! أهذا الذي ضَمِنَك -وهو المَوْت- أَم أَنت، وقد رَجعتَ إلى الـقـتـل؟! واللهِ، لا أكون إلاّ أكرم الثلاثة. فأطلقه، وأمر برفع يوم بُؤْسه.

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(10) مَحَاسِنُ المَوَدَّةِ

- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ابذل لصديقك كل مودّة، ولا تطمئن إليه كل الطمأنينة، وأعطه كل المواساة، ولا تفشِ إليه كل الأسرار".

- وقال العباس بن جرير: "المودّة تعاطف القلوب، وائتلاف الأرواح، واَنَس النفوس، ووَحْشَة الأشخاص عند تنائي اللقاء، وظهور السّرور بكثرة التزاور، وعلى حسب مُشاكلة الجواهر يكون الإنفاق في الخِصال".

- وقال بعض الحكماء: "ليس للإنسان تنعُّم إلاّ بمودّات الاخوان".

- وقال آخر: "الازدياد من الاخوان زيادة في الآجَال وتَوفِير لحُسْن الحَال".

- وقيل: "عاشر الناس معاشرة إن عشتَ حنوا إليك، وإن مِتَ بكوا عليك".

- وكان يقال: "أعجز النّاس مَن فرّط في طلب الاخوان".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
أحسنت الطرح والنشر أخي الحبيب
مواضيعك كلها في غاية الروعة والتنسيق والإفادة
تحياتي لك
 
توقيع : MesterPerfectMesterPerfect is verified member.
(11) مَحَاسِنُ السَّخَاءِ

- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}. (سورة الليل، الآيات: 5 - 10)

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ


-- قال الجاحظ:

- قالت أم البنين ابنة عبد العزيز أخت عمر بن عبد العزيز: "لو كان البخل قميصاً ما لبسته أو طريقاً ما سلكتها"، وكانت تعتق كل يوم رقبة، وتحمل على قريش في سبيل الله، وكانت تقول: "البُخل كل البُخل مَن بخل على نفسه بالجنَّة".

- وقال عبد العزيز بن مروان: "لو لم يدخل على البخلاء في لُؤمهم إلا سوء ظنّهم بالله عزَّ وجلَّ لكان عظيماً".

- وقال المأمون: "الجُود بذل الموجود، والبُخل سُوء الظَّن بالمعبود".

- قيل وشكا رجل إلى إياس بن معاوية كثرة ما يَهِب ويَصِل النّاس ويُنفِق ... قال: "إنّ النّفقة داعية الرّزق"؛ وكان جالساً على باب فقال للرجل: "أَغلِق هذا الباب"، فأغلقه؛ فقال: "هل تدخل فيه الرِّيح؟!" قال: "لا". قال: "فافتحه"، ففتحه فجعلت الرِّيح تخترق في البيت، فقال: "هكذا الرِّزق، أَغلقتَ فلم تدخل الرِّيح، فكذلك إذا أَمسكتَ لم يأتك الرِّزق".

- وقيل: وَصَل المأمون محمد بن عبَّاد المُهَلَّبي بمائة ألف دينار، ففرَّقها على إخوانه، فبلغ ذلك المأمون؛ فقال: "يا أبا عبد الله، إن بيوت الأموال لا تقوم بهذا". فقال: "يا أمير المؤمنين، البُخل بالموجود سُوء الظَّن بالمعبود".

- وعن أُمَيَّة بن يَزِيد الأُمَوِي قال: "كنا عند عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية فجاءه رجل من أهل بيته فسأله المعونة على تزويج، فقال له قولاً ضعيفاً فيه رعد وقِلّة أطماع؛ فلما قام من عنده ومضى دعا صاحب خزانته فقال: "أعطه أربعمائة دينار"، فاستكثرناها وقلنا: "كنتَ رددتَ عليه ردًّا ظننا إنك تُعطيه شيئاً قليلاً، فإذا أنتَ أعطيتَه أكثر مما آمَل"، فقال: "إني أُحب أن يكون فعلي أحسن من قولي".

- وقال بعض الحكماء: "بَلَغ الجُود مَن قام بالمَجْهُود".

- وقيل: "الجَوَاد مَن لم يضنّ بالمَوْجُود".

- وقال بعض الحكماء: "ثواب الجُود خَلَف ومحبّة ومُكافَأة، وثواب البُخل حِرمان وإِتلاف ومَذمَّة".

-- وبحَاتِمٍ الطَّائِي يُضرَب المَثَل في الجُود والسَّخاء، .. وهذه بعض الحكايات عــنـــه:

- قيل: كان حاتم جَوَاداً شَاعِراً، وكان حيثما نزل عُرِف منزله، وكان ظفراً إذا قـاتـل غلب، وإذا غَنَم نَهَب، وإذا سُئِل وَهَب، وإذا شَرِب بالقِدَاح سَبَق، وإذا أَسَر أَطلق، وكان أقسم ألاَّ يقتـل واحداً.

- ونَزَل على حاتم ضيف ولم يحضره القَرى، فنَحَـر ناقة الضَّيف وعشَّاه وغدَّاه، وقال: "إنك قد أقرضتني ناقتك فاحتكِم علي". قال: "راحلتين". قال: "لك عشرون، أرضيتَ؟!" قال: "نعم، وفوق الرِّضى". قال: "إلى أربعين". ثم قال لِمَن بحضرته مِن قومه: "مَن أتانا بناقة، فله ناقتان بعد المائة"، فأتوا بأربعين، فدفعها إلى الضّيف!!

- وخَرَج حاتم في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما كان بأرض عنزة، ناداه أَسِير فيهم: "يا أبا سفانة، قد أكلني الأسار والقمل". قال: "واللهِ، ما أنا في بلادي ولا معي شيء، وقد أسأتَ إليَّ أن نوَّهتَ باسمي"، فذهب إلى العنزيين فساومهم فيه واشتراه منهم، وقال: "خَلُّوا عنه، وأنا أُقِيم مكانه في قَيْده حتّى أُؤدي قَراه"، ففعلوا فأتاهم بغداء!

وسَار على نَهْجِهِ في السَّخَاء وَلدُهُ عَدِيٌّ (الصَّحابي الشَّهير، رضي الله عنه)، ولا عَجب في ذلك فالشِّبل مِثل أبيه! وقد صَدَق فيه قول الشاعر:

بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيُّ فِي الكَرمْ ... وَمَنْ يُشابِهْ أَبَهُ فَما ظَلَمْ

- ففي يومٍ أرسل الأشعثُ بْنُ قَيسٍ إِلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِم يستعير مِنْهُ قُدُورَ حاتم، فملأها وحملها الرِّجال إِلَيْه، فأرسل إِلَيْه الأشعثُ: "إنما أردناها فارغة!" فأرسل إِلَيْه عَدِيٌّ: "إنَّا لا نُعِيرها فارغة".

- وسَأَلَ رَجُلٌ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ مِائَتَيْ دِرهَمٍ، فَغَضِبَ مِن قِلَّتِهَا وحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَه، ثُمَّ أعطاه بأكثر مما سأل.

- وكان عَدِيٌّ يَفتّ الخُبز للنَّمل، ويقول: "إنهن جارات، ولهن حق".

*********


 
توقيع : Mr. HATEM
أحسنت الطرح والنشر أخي الحبيب
مواضيعك كلها في غاية الروعة والتنسيق والإفادة
تحياتي لك

أعزَّك اللهُ وأكرمك أخي الكريم المفضال
دائمًا ما يسعدني ويشرّفني تواجدك في مواضيعي
 
توقيع : Mr. HATEM
(12) مَحَاسِنُ الشُّكْرِ


- قال اللهُ تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}. (سورة إبراهيم – آية: 7)

- وقال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}. (سورة النساء – آية 147)

- وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}. (سورة لقمان – آية: 14)

- وعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ/ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ (تَتَشَقّق) رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ




-- قال الجاحظ:


- قال أَمِيرُ المُؤْمِنين/ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِي اللهُ عَنه: "المعروف يَكْفُر مَنْ كَفَره، لأنه يَشكُرك عليه أَشْكَر الشّاكِرين".

- وقال الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ: "مَن أَحبّ الازدياد من النِّعَم فليشكُر، ومَن أَحبّ المنزلة فليَكُف، ومَن أَحبّ بقاء عِزّه فليُسقِط دالته ومكره".

- وقال عَلِيُّ بنُ عُبَيْدَةَ الرَّيْحَانِيُّ: "مِن المَكَارم الظّاهِرة، وسُنَن النّفس الشّريفة، تَرك طلب الشُّكر على الإحسان، ورَفْع الهِمَّة عن طلب المكافأة، واستكثار القليل من الشُّكر، واستقلال الكثير مما يُبْذَل مِن نَفْسِه".

- وقال كِسْرَى أنُو شروان: "المُنْعِم أَفضَل مِن الشّاكِر، لأنّه جعل له السّبيل إلى الشُّكْر".

- وقال بعض الحُكَماء: "صُنْ شُكْرَكَ عَمَّنْ لا يَستحِقّه، واسْتُر مَاء وَجْهِك بالقَنَاعَة".

- وقال بعض الحُكَماء: "عِنْد التّراخِي عن شُكْر النِّعَم تَحِلُّ عَظَائِمُ النِّقَم".

- وقِيْل: "نِسْيَان النِّعمَة أَوَّل دَرَجَات الكُفْر".

- واختصر حَبِيْبُ بنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ هذا في مِصْرَاع واحد فقال: "لَهَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَقُول وتَفْعَلا".
*********

 
توقيع : Mr. HATEM
(13) مَحَاسِنُ الصَّبْرِ

- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. (البقرة: 153)

- وقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا}. (آل عمران: 200)

- وقَالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}. (البقرة: 155)

- وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. (الزمر: 10)

- وقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. (الشورى: 43)

- وقَالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}. (محمد: 31)

- وعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ؛ وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ

- وعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ

- وعَنْ أَبي هَرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبهُ إِلاَّ الجَنَّة». رَوَاهُ البُخَارِيُّ

- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنَّهَا سَأَلَتْ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَن الطَّاعونِ، فَأَخبَرَهَا: «أَنَهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللَّه تَعَالَى عَلَى منْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تعالَى رحْمةً للْمُؤْمنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُون فَيَمْكُثُ في بلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ

- وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ

حَبِيبتَيْهِ: عَيْنَيْهِ.

- وعَنْ عَطَاءِ بْن أَبي رَباحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهُمَا ألاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الجَنَّة؟ فَقُلت: بلَى، قَالَ: هذِهِ المْرأَةُ السوْداءُ أَتَتِ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وإِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّه تَعَالَى لِي. قَالَ: «إِن شئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الْجنَّةُ، وإِنْ شِئْتِ دعَوْتُ اللَّه تَعالَى أَنْ يُعافِيَكِ». فقَالَتْ: أَصْبرُ، فَقالَت: إِنِّي أَتَكشَّفُ، فَادْعُ اللَّه أَنْ لا أَتكشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ

---------

-- قال الجاحظ:

- قال كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ: "مَن صبر على النَّازلة، كان كمَنْ لم تنزل به".

- وقال الأفْشِين: "مَن صحب الزمان لم ينج من خيره أو شره ووجد الكرامة والهوان".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(14) مَحَاسِنُ الصِّدْقِ


- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}. (سورة التوبة: آية 119)

- وقَالَ تَعَالَى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}. (سورة محمد: آية 21)

- وقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً». رواه البخاري ومسلم


---------


-- قال الجاحظ:


- قال بعض الحكماء: "عليك بالصِّدق، فما السّيف القاطع في كَفّ الرّجُل الشُّجاع بأعزّ مِن الصِّدق؛ والصّدق عِزّ وإن كان فيه ما تَكْره، والكَذِب ذُلّ وإن كان فيه ما تحب؛ ومَن عُرِف بالكَذِب اتُّهِم في الصِّدق".

- وقال ابْنُ السَّمَّاكِ: "ما أَحْسِبُنِي أُؤجَر على تَرك الكَذِب، لأني أتركه أَنَفَة".

- وقال آخر: "لو لم يترك العاقل الكَذِب إلا مُرُوءَةً لكان بذلك حقيقًا، فكيف وفيه المَأْثم والعَارّ؟"

- وقال الشَّعْبِيُّ: "عليك بالصِّدق حيث ترى أنه يَضُرّك فإنه يَنفعُك، واجتنِب الكَذِب حيث ترى أنه يَنفعُك فإنه يَضُرّك".

- وقال بعضهم: "الصِّدق عِزّ والكَذِب خُضُوع".

*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(15) مَحَاسِنُ الزُّهْدِ

- قَالَ اللهُ تَعَالَى: {زُيِّنَ لِلْنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَياةِ الْدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المآبِ}. سورة آل عمران، الآية رقم: 14

- عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «واللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلكِنِّي أخْشَى أَنْ تُبْسَط الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أهْلَكَتْهُمْ». رواه البخاري ومسلم

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الكَافِرِ». رواه مسلم

- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ». رواه البخاري

- وكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، يقول: "إِذَا أمْسَيتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ".

-- قال الجاحظ:

- قال محمد بن الحسن عن أبي همَّام، وكان قد عرف ضَيْغَماً (أحد العُّبَّاد الزُّهَّاد): كنتُ معه في طريق مكَّة، فلما بعدنا في الرَّمل، نظر إلى ما تَلْقَى الإِبلُ من شدَّة الحَرِّ، فبكى ضَيْغَمٌ، فقلتُ: "لو دعوتَ اللهَ أن يُمطر علينا، كان أخف على هذه الإبل"، قال: فنظر إلى السماء وقال: "إن شاء الله فعل"، قال: "فواللهِ ما كان إلا أن تكلَّم، حتى نشأت سحابةٌ، فَهَطَلت".

- وعن عَطَاء بن يَسَار أن أَبَا مُسْلِم الخَوْلاَنِيُّ (مِن التَّابعين العُّبَّاد الزُّهَّاد) خرج إلى السُّوق بدرهم يشتري لأهله دَقِيقاً، فعُرِض له سائل فأعطاه بعضه، ثم عُرِض له سائل آخر فأعطاه الباقي، فأتى النَّجَّارين، فملأ مِزْوَدَه (وِعَاءَه) من نُشَارَة الخَشَب، وأتى منزله فألقاه، وخرج هارباً من أهله، فاتخذت المرأة المِزَوَد فإذا دقيق حواري، لم ترَ مثله فعجنته وخبزته، فلما جاء قال: "أين لك هذا؟!" قالت: "الدَّقيق الذي جئتَ به".

- وعن أَبِي عَبد الله القُرَشِي، عن صديق له قال: دخلتُ بئر زمزم فإذا بشخص يَنْزِع الدَّلْو مما يلي الرُّكن، فلما شرب أَرْسَل الدَّلْو، فأخذتُه، فشربتُ فَضْلَتَه، فإذا هو سويق لم أرَ أطيب منه؛ فلما كانت القابلة في ذلك الوقت جاء الرجل، وقد أَسْبَل ثوبه على وجهه، ونزع الدَّلْو فشرب ثم أرسله فأخذتُه فشربتُ فضلته فإذا هو ماء مضروب بالعسل، لم أرَ شيئاً قَطُ أطيب منه، فأردتُ أن آخذ طرف ثوبه فانظر مَن هو ففاتني، فلما كان في الليلة الثالثة قعدت قبالة زمزم في ذلك الوقت، فجاء الرجل، وقد أَسْبَل ثوبه على وجهه، فنزع الدَّلْو، فشرب، وأرسله، وأخذتُه، وشربتُ فضلته، فإذا هو أطيب من الأول، فقلتُ: "يا هذا، أسالُك بِرَبِّ هذه البِنية مَن أنت؟!" قال: "تَكْتُم عَلَيَّ حتى الموت؟!" قلتُ: "نعم". قال لي: "أنا سُفْيَان الثَّوْرِي، وكانت تلك الشَّربة تكفيني إذا شربتُها إلى مثلها، لا أجد جوعاً ولا عطشاً".
*********
 
توقيع : Mr. HATEM
(16) مَحَاسِنُ الجَوَابِ


-- قال الجاحظ:
- قِيْلَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؟" قَالَ: "هُوَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أَكْبَرُ مِنِّي، وأَنَا وُلِدتُ قَبْلَهُ".

- ودخل رَجُلٌ على كِسْرَى الثّاني، فَشَكَا إليه عَامِلاً على ضَيْعَة له، فقال له كِسْرَى: "منذ كم هي في يدك؟" قال: "منذ أربعين سنة". قال: "فأنت تأكلها أربعين سنة ما عليك أن يأكل عاملي منها سنة واحدة؟" فقال: "وما كان على الملك أن يأكل بَهْرَام جُور الملك سنة واحدة؟!" فقال: "ادفعوا في قَفَاه فأخرجوه". فلمّا خرج أَمْكَنَته التِفَاتَة، فقال: "دخلتُ بمَظْلَمَة وخَرجتُ بثِنْتَين". فقال كِسْرَى: رُدُّوه". وأَمَر بِرَدّ ضَيْعته، وصَيَّره في خَاصَّتِهِ.

- ويُقَال: إن سَعِيد بن مُرَّة الكِنْدِيّ، حين أتى مُعَاوِية رضي الله عنه قال له: "أنت سعيد؟" قال: "أمير المؤمنين سعيد، وأنا ابن مُرَّة".

- وقال الحَجَّاجُ لِلمُهَلَّبِ: "أنا أطول أم أنت؟" قال: "الأمير أطول، وأنا أبسط قامة منه".

- وقِيلَ: وَقَف المَهْدِيُّ على امرأة مِن بَنِي ثُعَلٍ فقال لها: "مِمَن العَجُوز؟" فقالت: "مِن طَيِّءٍ". قال: ما مَنَع طَيئاً أن يكون فيها آخر مثل حاتم؟!" قالت: "الّذي مَنَع العَرَب أن يكون فيها آخر مثلك". فَأُعْجِبَ بقولها ووَصَلَهَا؛ (كَافَأَهَا).

- وقال مَسْلَمَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ: "ما شيء يُؤْتَى العَبْدُ بعد الإيمان بالله تعالى، أحبّ إليّ مِن جَوَاب حَاضِر، فإن الجَوَاب إذا انْعَقَب لم يكن شيئًا".

*********

 
توقيع : Mr. HATEM
(17) مَحَاسِنُ الثِّقَةِ بِاللهِ تَعَالَى

- قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِخْبَارًا عَنِ العَبْدِ الصَّالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}. (سورة غافر، الآيتان:44،45)

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي». رَوَاهُ البُخَارِيُ ومُسْلِمٌ

- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وأَحْمَدُ


-- قال الجاحظ:

- قيل: خطب سليمان بن عبد الملك فقال: "الحمد لله الذي أنقذني من ناره بخلافته".

- وقال الوَلِيد بن عبد المَلِك: "لأشفعن للحجّاج بن يوسف، وقرة بن شريك عند ربي".

- وقال الحَجَّاج: "يقولون مات الحجاّج، ما أرجو الخير كله إلا بعد الموت، واللهِ ما رَضِي اللهُ البقاء إلاَّ لِأَهْوَن خَلْقه عليه، أليس إبليسُ إِذْ قال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}. (سورة الشعراء، الآيات أرقام: 79 - 81)

- وقال أبو جعفر المنصور: "الحمد لله الذي أَجَارَني بخلافته، وأنقذني من النار بها".
*********
 
توقيع : Mr. HATEM
عودة
أعلى