الداعية أبوعبدالله

زيزوومي VIP
★★ نجم المنتدى ★★
نجم الشهر
إنضم
9 مايو 2010
المشاركات
4,912
مستوى التفاعل
6,529
النقاط
5,470
الإقامة
كل بلاد العرب أوطاني
غير متصل
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمدلله الذي لايحمد سواه والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى آله وسلّم تسليمآ كثيرآ وصحبه الأخيار ومن بتعهم بإحسان إلى يوم يبعثون



إخواني أخواتي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



160345249724961.png





هناك خطأ في الفهم عند الكثير من الأزواج العاملين في حقل الدعوة، وعند قادتهم ومسئوليهم للأسف الشديد، والمشكلة تكمن حين يضعون مسألة العمل للدعوة على أنها الإسلام وفقط، وما غيره فهو هامش من عرض الدنيا الذي علينا أن نتركه ونطرحه جانبا!!.. هذا الفهم المعوج أوجد خللا كبيرا في بيوت كثير من الدعاة (إلا من رحم ربي)، وأثر على الزوجات والأولاد، فلكم رأينا من بيوتٍ أربابها من كبار الدعاة، والأولاد إما فاشلون أو منحرفون أو الاثنان معا للأسف.. أما الزوجات فإما لم تتحمل وملت ـ وهذا حقها ـ فطلبت الطلاق، وإما صبرت واحتسبت وغدت مخنوقة لا ترى لحياتها الأسرية أي معنى ولا هدف.






إن الأُسْرة هي الخلية الأولى، واللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإسلامي الحق، فإنْ صلُحَتْ صَلُح جسد الأمة، وإن فَسَدتْ تمزّقت الأمة، وصارت كل شعاراتها جوفاء صمَّاء عمياء، لا تسمع صيحات الألم الصادرة من أفرادها، ولا ترى القروح والجروح التي تمزّق أرواح أبنائها. لذا، فإننا عندما نبدأ الدعوة يجب أن نبدأ من الداخل للخارج، وليس العكس، فتماسك الأُسْرة وثباتها وقوتها سيعطي دَفعَتين قويتين لرب الأسرة «الداعية»:





أولاهما: أنه عندما يبدأ عمله الدعوي، ويتكلم وينصح، سيكون هذا الكلام على أساسٍ يعرفه هو.. هذا الأساس سيضاعف ثقته بنفسه، ويؤثر بدوره في قلوب مستمعيه، وكما يقولون: «ما يخرج من القلب يدخل القلب، وما يخرج من اللسان لا يتعدى الآذان».. إن الكلمة الصادقة هي أقصر طريق بين قلب الداعية وقلوب الناس، أمَّا أن يجلس ليتكلم في إصلاح الأسرة والمجتمع وبيته ينهار، فهذا أقرب إلى الرياء منه إلى الصدق، لذا يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف:2-3].





أما الدَّفعة الثانية، فهي أنها تمثل صورة دعوية لا تحتاج إلى كلمات، فالدعوة ليست فقط خُطبًا وندوات واجتماعات وشعارات، إنما دعوة النموذج والمثَال والقُدوة تكون أصدق كثيرًا وأسرع تأثيرًا، ولئن أضع للناس مثلاً يُحتذَى به، أفضل من أن أظل أقرع أسماعهم بما يجب وما لا يجب.



إنَّ الدعوةَ الأُسَرية من أعظم مسالك الدعوة على الإطلاق، ويخطئ الكثيرون ممن يتحدثون عن الدعوة الأُسَرية ويفسرونها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط.. بالقطع هما حَجَرَا أساسٍ، لكن الكيفية والطريقة تسبقهما في الأهمية. فقبل أن ندعو يجب أن نُمَهِّد الطريق لدعوتنا، ولكي تسمع الزوجة ويعي الأبناء يجب أن تكونَ قد اقتربتَ منهم بالدرجة الكافية التي تجعلهم يحبونك، ويثقون بك، ويعرفون أن كل كلمة تخرج من فَمِك في حبٍّ لهم ورغبة في رفعتهم في الدنيا والآخرة.. علينا جميعا أن نحمل لواء تربية البيت، موقنين أنه لا يقل شأنا عن تربية الآخرين، وأولادنا أولى بالدعوة والمعروف من أولاد العالم كله.



إلى أختي الداعية



الأخت الداعية أولاً لا بد أن تعمل على راحة زوجها راحةً تامةً، وكل أخت تعلم ما يريحه حتى يعينها على الدعوة، ولو حدث العكس سيكون أكبر المعوقات لها، فترضيه ليسخره الله معها في الدعوة، أما الأولاد فتقوم بتغذيتهم تغذيةً فكريةً مع الجسدية ليفهموا معنى الدعوة وقيمة خروجها، وتشكرهم أمام الآخرين على أنهم من الأسباب الرئيسية لخروجها، بل تجعلهم يشاركونها في الدروس ويجهزون لها المراجع، وهكذا نربي دعاة دون أن يشعروا، وإن فعلت ذلك تستطيع أن تعلم تمام العلم أين الأولويات، وينير الله عز وجل لها الطريق، فإن كان لها أولاد صغار ولا راعيَ لهم إلا الله ثم هي فعليها أن تلزمهم، وسيكونون مددًا لها فيما بعد، أما أن تتركهم وتترك زوجها بدعوى أنها ترضي الله فكأنها تبحث عن سراب!!

إن التقوى هي صلب الدعوة، ولو خرجت امرأة واحدة تتقي الله فسيقتنع بها الناس، أما إن خرجت الكثيرات لا يتقين الله في أولادهن وأزواجهن فلن يحصلن إلا القليل، فالمرأة مفتاح جنتها في يد الزوج فلتحاول أن تأخذ معها هذا المفتاح ثم في يد الوالدين فلا بد أن يرضى عنها الزوج والوالدان قبل أن تبرح بيتها، وأحذرها من خلاف ذلك حتى لا تجني سرابًا، فمجموع المجتمعات هي البيوت فلو كان الخراب في البيت فلن نُحصِّل عمارًا في شيء.

والداعية الحقة لا تنشغل عن علاقاتها العائلية على الإطلاق ولكن تتعمق علاقتها، أما التي تنشغل عن الأهل بالدعوة فلن تجنيَ إلا القليل، والداعية التي لا يشغلها إلا رضا الله تستطيع أن تقوم بذلك كله، ويبارك الله في الوقت، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتح تسعة بيوتٍ، وهو القائد الحربي العسكري ورئيس الدولة وحبيب الناس وجليسهم، فاستطاع أن يفعل ذلك كله وهو لنا القدوة.



الطريق من هنا أيها الدعاة



1- حاول إقناع إخوانك الدعاة الذين تعمل معهم بأهمية جعل بيوت الدعاة وزوجاتهم وأولادهم محورًا ذا أهمية خاصة من محاور العمل الدعوي الذي تتعرضون له، بمعنى أن يكون نُصْب أعيُنكم وأنتم تخططون وتعدون أعمالكم الدعوية أن يكون للبيت والزوجة والأولاد نصيب من تلك الأعمال، على أن تُتَابَع وتُقيَّم من وقتٍ لآخر، وتُزَال العقبات وتُحَل المشكلات أولاً بأول.



2- حاول أن تجمع أكثر من عمل دعوي في يوم واحد، وأن تضغط أنشطتك الدعوية في أيام محددة من الأسبوع، بحيث يتبقى لك ولبيتك وأهلك أيام أُخَر.



3- لا تتحرّج من الاعتذار عن عملٍ أو نشاط دعوي تشعر أنه سيُحمّلك فوق طاقتك، أو تتوقع أنك ستهدر من أجل القيام به واجبًا آخر أو تضيع حقّا من الحقوق الأخرى. فلا يسعدنا أبدًا، ولا يرضي صاحب الدعوة عز وجل أن نهدم واجبًا لنبني على أنقاضه آخر، والقاعدة الأصولية تقول بأن «دفع المفسدة مُقدَّم على جلب المصلحة».



4- اجعل لبيتك وأهلك يومًا في الأسبوع، لا ترتبط فيه بأية ارتباطات خارجية مهما حدث، وأسقِطْه من حساباتك تمامًا وأنت تُسَكِّن أعمالك الدعوية على وقتك، فلا تقترب منه مطلقًا. ولتعمل في هذا اليوم على أن تشيع في البيت جو الود والمرح والسرور، وتقضي مصالح الزوجة والأولاد، وتجلس معهم جلسة يظللها الود والحب، تقرءون فيها مقتطفات من العلوم النافعة، وتُعطَى فيها لكل أفراد الأسرة الفرصة ليعبر عن كل ما يجول بخاطره ويحب أن يطرحه ويناقشه، وتتخلل تلك الجلسة المسابقات والحكايات الطريفة. وستكون تلك الجلسة بمثابة الزاد الذي يعين كل فرد من أفراد الأسرة على واجباته، وفي نفس الوقت ستمثل عاملاً قويّا من عوامل الربط والاندماج بينك وبين أهلك.



5- حاول أن تكون الأوقات التي تقضيها في البيت أوقاتًا مثمرة، بحيث يشعر بوجودك وأهميته كل أفراد الأسرة، فتغدق على زوجتك من مشاعرك وعواطفك، وتقضي لها ما تود قضاءه من مصالح المنزل، وكذلك تتابع أولادك واحدًا واحدًا، وتطمئن على سيرهم الجيد في دراستهم، وتحل لهم مشكلاتهم.



6- التقليل قدر المستطاع من الجلسات والاجتماعات والأوقات الطويلة التي تُنفَق في مناقشات وحوارات لا طائل من ورائها، ومحاولة تحديد جدول أعمال لكل اجتماع تعقدونه لا ينبغي الزيادة عليه، وبحيث يكون له موعد بدء وموعد انتهاء، ويكون لكل فقرة من فقراته وقتها المحدد، مع احترام تلك المواعيد، حفاظًا على أوقاتكم من أن تُهدَر فيما لا يفيد، وبيوتكم في أمس الحاجة إلى تلك الأوقات.



وتستطيع أخي الداعية أن تجعل زوجتك وأولادك يتفهمون مسئولياتك، ويغفرون لك انشغالك عنهم، بل ويقدمون إليك العون والسند، بدلاً من الشكوى والتذمر، ولكن بعد أن تقدّم لهم ما يؤهلهم لذلك ويعينهم عليه، من رعاية واهتمام وحُسْن تربية وتوجيه، وتوقيف على أهمية الدعوة إلى الله عز وجل وشرف القيام بها، وضرورة أن يكون لكل مسلم قِسط ونصيب من أعمالها، كل ذلك في ظل الحب والود والتعاون، لا المفاصلة والتعارض.



هذا والله تعالى أعلى وأعلم



سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك



وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين



ملاحظة....

أنا لاأكتب إلا بهذا المنتدى المبارك , وإن وجد بغيره فهو منقول





6 ربيع الأول 1442 هجري



الموافق



23 أكتوبر 2020 ميلادي



أخوكم في الله
 

توقيع : الداعية أبوعبدالله
مقال رائع بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
 

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

حياك الله أخي في الله علي أبوإسماعيل الفاضل
أخجلتم تواضعنا أخي الفاضل وبِك بارك الله وآمين واجمعين إن شاء الله
شاكرآ لك حسن ردك ودعائك الجميل
وتقبل مني كل التقدير والإحترام
محبك في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
بارك الله فيك
شكراً على حضورك ومشاركتك
 
توقيع : أسيرالشوق

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

حياك الله اخي الغالي أسير الشوق الفاضل
وبِك بارك الله , وشاكرآ لك حسن ردك الجميل
وفقك الله لما يحبه لك ويرضاه عنك
محبك في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
بســــــم اللـــه الرحمـــــــــن الرحيــــــــــم
الســــــــــــــــــــــلام عليكــــــــم

oooooo11.gif
 
توقيع : roufaida

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياكم الله اختنا في الله روفيدا الفاضلة
الشكر لكم لحسن ردكم الجميل
وفقكم الله لما يحبه لكم ويرضاه عنكم
أخوكم في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
جزاكم الله خير
 
توقيع : KMKMMM

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

حياكم الله أخانا في الله
وإياكم إن شاء الله
وفقكم الله لما يحبه لكم ويرضاه عنكم
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
جزاك الله خيرا أخى الكريم أبو عبدلله وجزاك الفردوس الاعلى بفضله وكرمه سبحانه..
دمت بحفظ الله ورعايته....
 
توقيع : ابو روضة

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


حياك الله اخي الحبيب ومشرفنا الفاضل أبوروضة
وإياك إن شاء الله ولك بالمثل إن شاء الله
تقبل مني كل التقدير والإحترام
محبك في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على الطرح القيم
تحياتي
 

يجب عليك تسجيل الدخول أو التسجيل لمشاهدة الرابط المخفي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكم الله اخي في الله
وبكم بارك الله وشاكرآ لكم حسن ردكم الجميل
تقبل مني كل التقدير والإحترام
محبكم في الله
 
توقيع : الداعية أبوعبدالله
عودة
أعلى