اللهم إن قل زادنا في المسير إليك
فقد حسن ظننا بالتوكل عليك
فكل الخير منك وإليك
فارحم قدماً سعت إليك
وجبهة سجدت بين يديك
وعيناً بكت طمعاً فيما لديك
وقلباً تقلبه بين يديك فاللهم يا من أشرقت الشمس بأمره
وتوزعت الأرزاق بكرمه
إغدق علينا رزقك وبركتك
وبلغنا أسمى مراتب الدنيا ... و أعلى منازل الآخرة
قد يكون الصمتُ أفضلَ للمرءِ ...
ففيه إحسانٌ إلى النفسِ من زيغِ المنطق ، وأمانٌ من تحريف اللفظِ
وقد قال أبوعبيد كاتب المهدي :
" كن على التماسِ الحظِّ بالسكوتِ أحرصَ منك على الْتِمَاسِه بالكلام"
وفي هذا المعنى قال الشاعرُ :
ولرُبَّمَا رُزِقَ الفتى بسكوتِه ... ولرُبَّمَا حُرِمَ الفتى بِبَيَانِهِ
----------------------------- ( المحاسن والأضداد) للجاحظ
"وَإِن يَمْسَسْكَ الله بضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلَّا هُو وٍإن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهَوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنعام: ١٧]
قال عامر بن عبد قيس :
آياتٌ في كتاب الله إذا ذكرتهن لا أُبالي على ما أصبحت أو أمسيتُ ، فذكر هذه الآية ، ثم ذكر بعدها :
"سيجعلُ الله بعدَ عُسْرٍ يُسْرًا"
قلتُ :
وما كان ذلك إلا لأن هذي الآي ترسخ في يقين المؤمن أن النفع والضر بيد الله وحده
فلا يبالي بما يصنعه سائر الخلق ممن نواصيهم بيده تعالى ...
فهو (الضارُّ) الذي لا يُكْشَف ضره بغير إرادته
وهو (النافع) الذي لا تُحْبَسُ رحمتُه ، ولا مُمْسِك لها ، وإن اجتمع أهل السماوات والأرض
لا تنتظروا من الحياة الدنيا استيفاءً للجزاء
على خيرٍ أصبتموه أو شرٍّ أُصبتم به
هذه دار نقصٍ كما عرَّفكموها ربُّكم
لا يوفَّى فيها مؤمنٌ مثوبته
ولا كافرٌ عقوبته
ما دون الجنة لا يكفي لأهلها ثوابًا
"وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
وما دون النار لا يشفي في أهلها عقابًا
"وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا"
ويحك !!! لم تصرُّ على سوء الخاتمة ؟!!!؟
قال : وهل يصرُّ عبدٌ على سوء خاتمته يا أبتِ ؟!
قال الوالد : نعم ؛ من غفل عن توبته ؛ فقد أصرَّ على سوء خاتمته
يا بني ...
ليس سوء الخاتمة الذي يظن أكثر الناس ظنًّا ؛ أن يموت أحدهم وهو يقارف ذنبًا من الذنوب
فذلك قليلٌ فيهم ؛ بل كل من لقي الله بعظيمةٍ لم يتب إليه - جلَّ جلاله - منها ؛ فقد لقيه بخاتمة سوءٍ
قال : فإني لم أزل لأجل ذلك - يا أبتِ - أتعوذ بالله من موت الفجأة
قال الوالد : وهل يأتي الموت إلا فجأةً ؟
إنما موت الفجأة الذي خوَّفنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله :
"موت الفجأة أخذة أَسَفٍ" هو ما باغت صاحبه وهو غير مبالٍ به ، ولا مستعدٍّ له .
فمن مات بعد طول مرضٍ لا يختلف الناس أنه يموت به - على غير توبةٍ من آثامه - فموته موت فجأةٍ
ومن باغته موته بغير أسبابٍ ظاهرةٍ بين يديه - وهو غير مفرِّطٍ في التوبة - لم يكن موته كذلك
يا بني ...
تعوذ بالله منه - ما شئت - لكنْ فاقهًا معناه
وما لزمتَ التوبة لم تضرَّك مفاجأته شيئًا عند الله
يا بني ...
العاقل إذا ظن نفسه لسوء الخاتمة أهلًا
لم يجعل طريقه إلى أسبابها سهلًا
يا بني ... مت تائبًا