(65/ 23) الأَوْضَاع فِي عَهْدِه:
كانت هَادِئة في كل الولايات، فقد ضعُف أمر الخَوَارج، ولم تقُم حَركة تُذكَر في أيَّامه، وكان عَهده عَهد سَعة ورَخاء وأَمن واسْتقرار.
(65/ 24) الفُتُوحَات:
حَدَثت فُتُوحات واسعة وعظيمة جدًّا، واتَّسَمت بامتدادها على مختلف الجَبَهات، في الشَّرق والغَرب والأَندلس وفَرنسا.
أولاً: الجَبْهَة الغَربِيّة:
أ. فَفِي بِلاد الرُّوم: وَصَل القائد مَسْلَمَة بْن عَبْدِ المَلِك إلى عَمُّوْرِيَة (أَنْقَرَة) وهِرَقْلَة فَفَتَحها سَنَة 89 هـ، ووَصَل المسلمون إلى خليج القُسْطَنْطِينية، وغَزوا أَذْرَبِيجَان وكان السُّكان ينقضون مرَّة بعد مرَّة، فكَثُرت الغَزَوات في تلك الجِهات عام 93 هـ.
ب. في البَحر المُتَوسِّط: فتح المسلمون جزيرة صَقَلِّية ومَيُورْقَة سنة 89 هـ.
ج. في أَفْرِيقية: وطَّد مُوسَى بْن نُصَيْر الفُتُوحَات هناك، ثم عَمل على نَشر الإسلام بين البَربَر.
د. فَتْح الأَنْدَلُس: قرَّر القائد مُوسَى بْن نُصَيْر أن يعبر المَضِيق وينشر الإسلام في بلاد أوروبا ويدخلها في نطاق الدَّولة الإسلامية، فسيَّر القائدَ البَربَرِي طَارِق بْن زِيَاد إلى الأندلس بحرًا، ويُروى أنه أَحرق سُفُنَه ليقطع على جُنوده أمل العودة أو الهروب، وألقى خطابه الشهير: "أيها الناس أين المفرَّ؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم إلاَّ الصِدق والصَّبر!" .. فَخَاض مَعَارك عظيمة وقَتَل حاكمها لُذْرِيق وفَتَحها سنة 92 هـ، ثم وَصَل طَارِق ومُوسَى إلى جِبال البرانس، وأخضعا كل تلك المناطق ما عَدا جِلِّيقِيَّة.
ثانياً: الجَبْهَة الشَّرقِيَّة (بلاد التُّرك):
في بِلاد ما وَرَاء النَّهر اشتهر هناك القائد قُتَيْبَة بْن مُسْلِم البَاهِلِيّ، إِذْ فَتَح مَدِينة بِيكَنْد سنة 87 هـ، وغَزَا بِلاد الصُّغْد ونَسَف وكِشّ عام 89 هـ، وفَتَح بُخَارَى في 91 هـ، ثم فَتَح الطَّالْقَان والفَارِيَاب وبَلْخ، ثم سَمَرْقَنْد عام 93 هـ، وغَزَا بِلاد الشَّاش وفَرْغَانَة حتَّى بَلَغ قُوْقَنْد عام 94 هـ، وفَتَح كَابُل في 94 هـ أيضًا، وفَتَح مَدِينة كَاشْغَر (في تُرْكِسْتَان الشَّرقية) عام 96 هـ؛ استطاع هذا القائد العظيم أن يمدّ فُتُوحاته إلى كل البِلاد الواقعة بين النَّهرين (وهذا يشمل معظم مساحة الاتحاد السوفيتي السابق وبلاد أفغانستان) ثم واصل حتى دخل الصين، وفَرَض الجِزْيَة على مَلِكِها، إلى هُنا توقف قُتَيْبَة شَرقًا.
فَقَد أخضع قُتَيْبَة مناطق شاسعة جدًّا، تجاوزت مساحتها 4 ملايين كيلو مترًا مربعًا تمتد من أواسط بِلاد القَفْقَاس إلى جنوب الخَزَر، ثم تمتد شمالاً لتتعمق في آسيا الوسطى، وتصل شرقًا إلى أواسط تُركِسْتَان الشَّرقية، ثم تتَّجه غربًا نحو كَابُل (أفغانستان، سِجِسْتَان).
في بِلاد السِّنْد (بِلاد السِّند تكون معظم دولة باكستان حاليًا) أرسل الحَجَّاجُ جيشًا ضخمًا إلى هذه البلاد بقيادة القَائِد الشَّاب مُحَمَّد بْن القَاسِم الثَّقَفِيّ (ابْن أَخِيه)، وهناك تَمكَّن هذا القائد مِن تحقيق انتصارات ضخمة هناك وقتل رَاجَا دَاهِر مَلِك السِّنْد، واحتلَّ بِلاد السِّنْد في الفترة 90 - 94 هـ، فكانت تلك من أعظم الفتوحات .. فبلغت الدولة الإسلامية في هذا العهد أقصى اتَّساع لها عَبر التَّاريخ.
(65/ 25) وَفَاتُه
مات الوَلِيد عام 96 هـ، وله 51 سنة، ودامت خلافته 10 سنوات.