(83) الــــعُــــــمَــــــــــــرِيُّ

هُـــــوَ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ بْنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ العَدَوِيُّ القُرَشِيُّ ثُمَّ العُمَرِيُّ، المَدَنِيُّ، أَبُو عُثْمَانَ. الإِمَامُ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الفَقِيهُ، الثَّبْتُ، الحُجَّةُ

- رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولاَ تُعرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ.

- ولَحِقَ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ الصَّحَابِيَّةَ، وسَمِعَ مِنْهَا.

- وكَانَ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وأَشرَافِ قُرَيْشٍ فَضْلاً، وعِلماً، وعِبَادَةً، وشَرفاً، وحِفظاً، واتِّفَاقاً.

- وكَانَ الزُّهْرِيُّ يُقَدِّمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَقْرَانِهِ.

- مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ وعَدَالَتِهِ وجَلاَلَتِهِ وإِمَامَتِهِ.

- وحَدِيثُهُ فِي دَوَاوِينِ السُّنَّةِ كُلِّهَا.

أَخَــذَ الـحَـدِيــثَ والـفِـقْــهَ مِـــنْ: سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، والقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي بَكْرٍ، ونَافِعٍ العُمَرِيُّ، وسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، والزُّهْرِيِّ، ووَهْبِ بنِ كَيْسَانَ، وعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ العَدَوِيِّ، وعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وأَبِي بَكْرِ بنِ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وابْنُ المُنْكَدِر، وثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وأَبِي الزِّنَادِ، وسُمَيٍّ القُرَشِيِّ، وزَيْدِ بنِ أَسْلَمِ العَدَوِيِّ، وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ المَكِّيِّ، وكُرَيْبٍ القُرَشِيِّ؛، وغَيْرِهِم.

وأَخَـــذَ مِـنْـــهُ الـعِـلْـــمَ أَئِـمَّـــةُ الإِسْـــلاَمِ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، ويَحيَى بنُ سَعِيْدِ الأَنْصَارِيُّ، وشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، وعَبْدُ المَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، ومَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ، وحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدهَمَ، وهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ القُرْدُوْسِيُّ، ورَوْحُ بنُ القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ، ووُهَيْبُ بنُ خَالِدِ الكَرَابِيْسِيُّ، وزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ، وعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، وعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وهُشَيْمُ بنُ بَشِيْرِ، والفُضَيْلُ بنُ عِيَاضِ، ويَحيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، واللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ الجُعْفِيُّ، وبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيّ، وجَرِيْرُ بنُ حَازِمِ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ، وعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ، والمُعتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، ويَحيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وخَالِدُ بنُ الحَارِثِ الهُجَيْمِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيْسَ، وعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ الكِلاَبِيُّ، والفَضْلُ بنُ مُوْسَى السِّيْنَانِيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ العَبْدِيُّ، والفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ؛، وأُمَمٌ سِوَاهُم.

ثَـنَـــاءُ الأَئِـمَّـــةِ عَـلَـيْـــهِ:

- قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ: كُنَّا عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَمَعَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ الكِتَابَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَقَرَأَ. فَقَالَ: انْتسِبْ. قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارٍ. قَالَ: ضَعِ الكِتَابَ مِنْ يَدِكَ. قَالَ: فَأَخَذَه مَالِكٌ، فَقَالَ: انْتسِبْ. قَالَ: أَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ الأَصْبَحِيُّ. فَقَالَ: ضَعِ الكِتَابَ. فَأَخَذَه عُبَيْدُ اللهِ، فَقَالَ: انْتسِبْ. قَالَ: أَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ. قَالَ: اقْرَأْ. فَجَمِيْعُ مَا سَمِعَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ يَوْمَئِذٍ بقِرَاءةِ عُبَيْدِ اللهِ.
- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ: مَالِكٍ، وَأَيُّوْبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أَيُّهُم أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ؟ قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ أَثبتُهم، وأَحْفَظُهم، وأَكْثَرُهم رِوَايَةً.

- وقَالَ يَحيَى بنُ مَعِيْنٍ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ: الذَّهَبُ المُشَبَّكُ بِالدُّرِّ.

- وقَالَ أَحمَدُ بنُ صَالِحٍ: عُبَيْدُ اللهِ فِي نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِكٍ.

- وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وأَبُو حَاتِمٍ: ثِـقَـةٌ.

- وقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: ثَبْتٌ؛ أَحَدُ عُلَمَاءِ المَدِينَةِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

وَفَـــاتُـــــهُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وأَربَعِيْنَ ومِائَةٍ (147 هــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 

توقيع : Mr. HATEM
جزاك الله كل الخير اخى الفاضل حاتم عمل رائع جدا
ربى يوفقك ويبارك فيك
 
توقيع : fathy100
جزاك الله كل الخير اخى الفاضل حاتم عمل رائع جدا
ربى يوفقك ويبارك فيك

جزاك اللهُ خير الجزاء وأنعم عليك بعظيم العطاء أخي الحبيب الغالي/ فتحي
 
توقيع : Mr. HATEM
(84) هِـــشَـــــامُ بْـــنُ حَـــسَّـــــــانٍ

هُـــــوَ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ القُرْدُوْسِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَزْدِيُّ ثَمَّ البَصْرِيُّ. الإِمَامُ الحَافِظُ، العَابِدُ البَكَّاءُ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ

- رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولَم يَروِ عَنْهُ شَيْئاً.

- وكَانَ عِنْدَه أَلفَ حَدِيْثٍ حَسَنٍ، لَيْسَت عِنْدَ غَيْرِه.

وحَـــدَّثَ عَـــنْ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وابْنِ سِيْرِيْنَ، وأُخْتِهِ؛ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، وأَبِي مِجْلَزٍ، وعِكْرِمَةَ، وعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، وأَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بنِ كُلَيْبٍ، وحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، ويَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وأَيُّوْبَ بنِ مُوْسَى القُرَشِيِّ، وعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ.

حَـــدَّثَ عَــنْـــهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وشُعْبَةُ، وسُفْيَانُ، وإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وزَائِدَةُ، والحَمَّادَانِ، وفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، وهُشَيْمٌ، ومُعْتَمِرٌ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ عُلَيَّةَ، وجَرِيْرٌ، وحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وأَبُو أُسَامَةَ، ويَحْيَى القَطَّانُ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وغُنْدَرٌ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ، ورَوْحٌ، وَالأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وعَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، ومَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، ووَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، وسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وعُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ المُؤَذِّنُ؛، وخَلْقٌ كَثِيْرٌ.

قَــالُـــوا عَــنْـــهُ:

- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيْرِيْن: هِشَامٌ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ.

- وقَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ عَنْ مُحَمَّدٍ (ابْن سِيْرِيْن) مِنْ هِشَامٍ.

- وقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَنْبَأَنَا أَيُّوْبُ، وهِشَامٌ، وحَسبُكَ بِهِشَامٍ.

- وقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَعلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِ الحَسَنِ، وكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لاَ يَخْتَارُ عَلَيْهِ أَحَداً فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِين.

- وقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِيْنِيِّ: هِشَامٌ ثَبْتٌ؛ وكَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَكبَارُ أَصْحَابِنَا، يُثبِتُوْنَهُ.

- وقَالَ العِجلِيُّ: هِشَامٌ: بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، حَسَنُ الحَدِيْثِ.

- وقَالَ ابْنُ سَعدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ.

- وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مِن الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ.

- وقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثُهُ مُسْتَقِيْمَةٌ، ولَم أَرَ فِي حَدِيثِهِ مُنْكَرًا، وهُوَ صَدُوقٌ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: حَافِظٌ؛ ثِقَةٌ، إِمَامٌ، كَبِيْرُ الشَّأْنِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي ابْنِ سِيرِيْن، وفِي رِوَايَتِهِ عِنِ الحَسَنِ وعَطَاءٍ مَقَالٌ، لَأَنَّهُ قِيْلَ كَانَ يُرسِلُ عَنْهُمَا.

وَفَــاتُـــــهُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِن شَهْرِ صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وأَربَعِيْنَ ومِائَةٍ (148 هــ).
 
توقيع : Mr. HATEM
(85) الأَعْـــمَـــــــــشُ

هُـــوَ: سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الكَاهِلِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ والمُحَدِّثِيْنَ، وأَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعلاَم

مَوْلِدُهُ: وُلدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ (61 هــ).

وكَانَ عَزِيْزَ النَّفسِ، قَنُوعاً، عَسِراً؛ حَافِظاً ثَبْتاً، فَقَد كَتَبَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانَ وَحدَهُ أَلْفَ حَدِيْثٍ؛ وكَانَ مُقْرِئاً حُجَّةً، فَهُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ الَّذِينَ وَرَاءَ القُرَّاءِ العَشَرَةِ.

رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وحَكَى عَنْهُمَا، إِلاَّ أَنَّهُ لَم يَسْمَع مِنْهُمَا شَيْئاً؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ مَعَ إِمَامَتِه كَانَ مُدَلِّساً.

قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، ويَحْيَى بنِ وَثَّابٍ.

وعَرضَهُ عَلَى: أَبِي العَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ، وعَلَى مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، وعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ.

وقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ: حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ؛، وغَيْرُهُمَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَعرِضُ القُرْآنَ، فَيُمسِكُوْنَ عَلَيْهِ المَصَاحِفَ، فَلاَ يُخطِئُ فِي حَرفٍ.

وكَانَ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ قَلِيْلاً، شَدِيداً عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيثِ...؛

- قَالَ وَكِيْعٌ: جَاؤُوا إِلَى الأَعْمَشِ يَوْماً، فَخَرَجَ، وَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبغَضُ إِلَيَّ مِنْكُم، مَا خَرَجتُ إِلَيْكُم.

- وقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا حَدَّثَ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، قَالَ: قَدْ جَاءكُم السَّيلُ.

- وقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَرْسَلَ الأَمِيْرُ عِيْسَى بنُ مُوْسَى إِلَى الأَعْمَشِ بِأَلفِ دِرْهَمٍ وَصَحِيْفَةٍ، لِيَكتُبَ فِيْهَا حَدِيْثاً. فَكَتَبَ فِيْهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، وَ{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وَوَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ: ظَنَنْتَ أَنِّي لاَ أُحْسِنُ كِتَابَ اللهِ؟! فَبَعَثَ إِلَيْهِ: أَظَنَنتَ أَنِّي أَبِيْعُ الحَدِيْثَ؟!

- وقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ أَيْضاً: خَرَجنَا فِي جِنَازَةٍ، ورَجُل يَقُودُه، فَلَمَّا رَجَعنَا، عَدَلَ بِهِ، فَلَمَّا أَصْحَرَ، قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟ أَنْتَ فِي جَبَّانَةِ كَذَا، ولاَ أَرُدُّكَ حَتَّى تَملأَ أَلوَاحِي حَدِيْثاً. قَالَ: اكْتُب. فَلَمَّا مَلأَ الأَلوَاحَ، رَدَّهُ. فَلَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ، دَفعَ أَلوَاحَه لإِنْسَانٍ، فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِه، تَعَلَّق بِهِ، وقَالَ: خُذُوا الأَلوَاحَ مِنَ الفَاسِقِ. فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَد فَاتَ. فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ، قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُك بِهِ كَذِبٌ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ أَنْ تَكذِبَ!

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: لاَ أُجِيْبُكَ إِلَى الأَضْحَى!

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ أَيْضاً: قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِيْنَ. قُلْتُ: فَأَنَا أَجِيئُكَ بِحَجَّامٍ لاَ يُكَلِّمُكَ حَتَّى تَفرَغَ. فَأَتَيْتُ جُنَيْداً الحَجَّامَ، وكَانَ مُحَدِّثاً، فَأَوصَيتُه، فَقَالَ: نَعَم. فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعرِه، قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! كَيْفَ حَدِيْثُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي المُسْتَحَاضَةِ؟ فَصَاحَ صَيْحَةً، وقَامَ يَعدُو، وبَقِيَ نِصْفُ شَعرِه بَعدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجزُوزٍ!

- وقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: كُنَّا عِنْدَ الأَعْمَشِ، فَسَأَلُوْهُ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ؟ فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ، وقَالَ: مَا أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَحَدِّثْ بِهِ.

- وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرَ: أَمَّا أَنْتَ، فَقَد رَبَطتَ رَأْسَ كَبشِكَ. (يَعْنِي: وَعَى عَنْهُ عِلْماً جَمًّا)

أَخَذَ الأَعْمَشُ الحَدِيثَ مِنْ: أَبِي وَائِلٍ الأَسَدِيِّ، وزَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، ومُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، وزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، والوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، وعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ، وعُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، وقَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ، وأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، وحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ، وزِيَادِ بنِ الحُصَيْنِ، وسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، والشَّعْبِيِّ، والمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، وعَمْرِو بنِ مُرَّةَ، ويَحْيَى بنِ وَثَّابٍ؛، وخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ.

وأَخَذَ مِنْهُ الحَدِيثَ أَئِمَّةُ الإِسْلاَمِ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ، وأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، وصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ، وخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وأَبُو حَنِيْفَةَ -وَهُمْ كُلُّهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- والأَوْزَاعِيُّ، وسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وابْنُ إِسْحَاقَ، وشُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاحِ، ومَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَيْبَانُ، وجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، وجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، وحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، ووَكِيْعٌ الجَرَّاحُ، وأَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ، وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ، وعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، ويَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، ويُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، والخُرَيْبِيُّ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وأَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ؛، وخَلْقٌ كَثِيْرٌ.

ثَــنَـــاءُ الأَئِــمَّـــةِ الــعُـــلَـــمَــــاءِ عَــلَــيْــــهِ:

- قَالَ الأَعْمَشُ: كُنْتُ آتِي مُجَاهِداً، فَيَقُوْلُ: لَوْ كُنْت أُطِيْقُ المَشْيَ، لَجِئْتُكَ.

- وقَالَ هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَقرَأَ لِكِتَابِ اللهِ وَلاَ أَجْوَدَ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ.

- وقَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ.

- وقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: أَتَيْتُ الأَعمَشَ، فَقَالَ: جَاءَنِي رَجْلٌ فَقَالَ: جَالَسْتُ الزُّهْرِيَّ، فَذَكَرتُكَ لَهُ. فَقَالَ: أَمَعَكَ مِن حَدِيثِهِ شَيْءٌ؟!

- وقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ أَيْضًا: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُم لِكِتَابِ اللهِ، وأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ، وأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ.

- وقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ مِنَ النُّسَّاكِ، وَكَانَ مُحَافِظاً عَلَى الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ، وعَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، وهُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ.

- وقَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: كَانَ الأَعْمَشُ قَرِيْباً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيْرَةُ الأُوْلَى.

- وقَالَ القَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِنَ الأَعْمَشِ.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَّفَ الأَعْمَشُ أَعَبْدَ مِنْهُ.

- وقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحقَرَ مِنْهُم عِنْدَه مَعَ فَقرِه وَحَاجَتِه.

- وقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: كُنَّا نُسَمِّي الأَعْمَشَ سَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ.

- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَبُو إِسْحَاقَ والأَعْمَشُ رَجُلا أَهْلِ الكُوْفَةِ.

- وقَالَ يَحيَى بْنُ مَعِيْنٍ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ.

- وقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ يُسَمَّى المُصْحَفُ مِنْ صِدْقِهِ.

- وقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

- وقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: الأَعْمَشُ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ؛ وكَانَ يُقْرِئُ القُرْآنَ، وهُوَ رَأْسٌ فِيْهِ، وكَانَ فَصِيْحاً.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِمَامٌ حَافِظٌ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ؛ وكَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ النَّافِعِ والعَمَلِ الصَّالِحِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ حَافِظٌ عَارِفٌ بِالقِرَاءَاتِ، وَرِعٌ.

وكَانَ الأَعْمَشُ مَعَ جَلالَتِهِ فِي العِلْمِ والفَضْلِ صَاحِبَ مُلَحٍ وَمُزَاحٍ:

- سَأَلَهُ يَوْماً دَاوُدُ الْحَائِكُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاةِ خَلْفَ الحَائِكِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ!

- قِيلَ: فَمَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ الحَائِكِ؟ قَالَ: تُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ!

- وقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيْلٌ، كَبِيْرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ، فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيْفَةٍ فِي الصَّلاَةِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ، لِحْيَتُه تَحْتَمِلُ حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ، ومَسَأَلتُه مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكُتَّابِ!

- وقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ، فَأَخرَجَ إِلَيْهِم رَغِيْفَيْنِ، فَأَكَلُوْهُمَا. فَدَخَلَ، فَأَخرَجَ لَهُم نِصْفَ حَبلِ قَتٍّ، فَوَضَعَهُ عَلَى الخِوَانِ، وَقَالَ: أَكَلتُم قُوتَ عِيَالِي، فَهَذَا قُوتُ شَاتِي، فَكُلُوْهُ!

- وقِيْلَ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ لَهُ وَلدٌ مُغفَّلٌ، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَاشترِ لَنَا حَبلاً لِلْغَسِيْلِ. فَقَالَ: يَا أَبَةِ! طُوْلُ كَمْ؟ قَالَ: عَشْرَةُ أَذرُعٍ. قَالَ: فِي عَرضِ كَمْ؟ قَالَ: فِي عَرضِ مُصِيْبَتِي فِيْكَ!

ومِــن أَقْــوَالِــــهِ:

- آيَةُ التَّقَبُّلِ الوَسوسَةُ؛ لأَنَّ أَهْلَ الكِتَابَيْنِ (اليَهُود والنَّصَارَى) لاَ يَدرُوْنَ مَا الوَسوسَةُ؛ وَذَلِكَ لأَنَّ أَعْمَالَهم لاَ تَصعدُ إِلَى السَّمَاءِ.

- وقَالَ: كُلَّمَا ازْدَدنَا عِلْماً ازْدَدنَا جَهْلاً.

وَفَــاتُـــهُ: مَاتَ الأَعْمَشُ بِالكُوْفَةِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وأَربَعِيْنَ ومِائَةٍ (148 هــ)، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وثَمَانِيْنَ سَنَةً (87 هــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 
توقيع : Mr. HATEM
(86) عَــمْـــرُو بْــنُ الحَـــارِثِ المِـــصْـــــرِيُّ

هُـــــوَ: عَمْرُو بنُ الحَارِثِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، أَبُو أُمَيَّةَ، المَدَنِيُّ الأَصْلِ. الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ الثَّبْتُ، عَالِمُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، ومُفْتِيْهَا مَعَ اللَّيْثِ بْنِ سَعدٍ

مَـوْلِـــدُهُ: وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وتِسْعِيْنَ (92 هــ).

أَخَــذَ الــعِـــلْـــمَ مِــنْ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وقَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، وعَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ، ويَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، وعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وحَبَّانَ بنِ وَاسِعٍ، وزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، ودرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، ورَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، وزَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وسَعِيْدِ بنِ الحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، وَعَامِرِ بنِ يَحْيَى المَعَافِرِيِّ، وعَبْدِ الرَّحْمَن بنِ القَاسِمِ، وعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وعُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ، وهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ؛، وغَيْرِهِم.

- وكَانَ بَارِعاً فِي العِلْمِ، مَشْهُوراً بِهِ .. فَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ دَارِه، فَيَرَى النَّاسَ صُفُوْفاً، يَسْأَلُوْنَهُ عَنِ القُرْآنِ، والحَدِيْثِ، والفِقْهِ، والشِّعرِ، والعَرَبِيَّةِ.

وأَخَــذَ مِـنـــهُ الــعِــلْــمَ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ -وهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ -وهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ وأَسَنُّ- ومَالِكٌ، واللَّيْثُ، وبَكْرُ بنُ مُضَرَ، ويَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، ومُوْسَى بنُ أَعَيْنَ، ونَافِعُ بنُ يَزِيْدَ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، ومُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ شَابُوْرٍ؛، وخَلْقٌ كَثِيرٌ جِدًّا.

ثَـنَــاءُ الـعُـلَـمَـــاءِ عَـلَـيْـــهِ:

- قَالَ رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ: لاَ يَزَالُ بِمِصرَ عِلْمٌ مَا دَامَ بِهَا عَمْرُو بنُ الحَارِثِ.

- وقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعتُ مِن ثَلاَثِمِائَةِ شَيْخٍ وسَبْعِيْنَ شَيْخاً، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحفَظَ مِنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَد جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَحفَظُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ؛ ولَو بَقِيَ لَنَا، مَا احتَجنَا إِلَى مَالِكٍ.

- وقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: كَانَ أَخطَبَ أَهْلِ زَمَانِهِ، وأَبلَغَهُم، وأَرَوَاهُم لِلشِّعرِ.

- وقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِيْهِم (يَعْنِي: أَهْلَ مِصْرَ) أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ اللَّيْثِ، وعَمْرُو بنُ الحَارِثِ يُقَارِبُه.

- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ مَعِيْنٍ، وأَبُو زُرْعَةَ، والعِجْلِيُّ، والنَّسَائِيُّ، والدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ. زَادَ النَّسَائِيُّ: وهُوَ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ عَمْرٌو أَحفَظَ أَهْلِ زَمَانِهِ، لَم يَكُن لَهُ نَظِيْرٌ فِي الحِفظِ فِي زَمَانِهِ.

- وقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ فَقِيْهاً، أَدِيْباً.

- وقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ قَارِئاً، فَقِيْهاً، مُفْتِياً، ثِقَةً.

- وقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: كَانَ قَارِئاً، مُفْتِياً، أَدِيْباً، فَصِيْحاً.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: الفَقِيهُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ، حُجَّةٌ، لَهُ غَرَائِبٌ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، حَافِظٌ.

مِـن كَــلاَمِـــهِ: الشَّرفُ شَرَفَانِ: شَرفُ العِلْمِ، وشَرفُ السُّلْطَانِ؛ وشَرفُ العِلْمِ أَشْرَفُهُمَا.

وَفَـــاتُـــــهُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وأَربَعِيْنَ ومِائَةٍ (148 هــ)؛ وقَد عَاشَ سِتًّا وخَمْسِيْنَ سَنَةً (56).
 
توقيع : Mr. HATEM
(87) أَبُـــــو حَـــنِـــــيْـــــــفَـــــــــــةَ

هُـــــوَ: النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتِ بنِ زُوْطَى، الفَارِسِيُّ الأَصْلِ، التَّيْمِيُّ بِالوَلاَءِ، الكُوْفِيُّ المَوْلِدِ والمَنْشَأِ. الإِمَامُ الكَبِيرُ، رَأْسُ المُجْتَهِدِيْنَ، فَقِيْهُ العِرَاقِ والمُعَظَّمُ فِي الآفَاقِ، إِمَامُ أَهْلِ الرَّأْيِّ وإِمَامُ الحَنَفِيَّةِ، وأَحَدُ أَعلاَمِ فُقَهَاءِ المُسْلِمِينَ

فَأَمَّا زُوْطَى: فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ كَابُلَ، وكَانَ مَمْلُوْكاً لِبَنِي تَيْمِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ، فَأُعتِقَ، فَوَلاَؤُهُ لَهُم.

وأَمَّا ثَابِتٌ: فَقَد وُلِدَ عَلَى الإِسْلاَمِ، وذَهَبَ -وهُوَ شابٌ- إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ فِيْهِ وفِي ذُرِّيَتِهِ.

مَــوْلِـــدُهُ: وُلِدَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالكُوْفَة، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ (80 هــ)، فِي نِهَايَةِ حَيَاةِ الصَّحَابَةِ؛ ورَأَى: أَنَسَ بنَ مَالِكٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الكُوْفَةَ، ولَمْ يَثبُتْ لَهُ حَرفٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُم، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.

وعُنِيَ بِطَلَبِ الآثَارِ، وارتَحَلَ فِي ذَلِكَ، وأَمَّا الفِقْهُ والتَّدْقِيْقُ فِي الرَّأْيِ وغوَامِضِهِ، فَإِلَيْهِ المُنْتَهَى، والنَّاسُ عَلَيْهِ عِيَالٌ فِي ذَلِكَ.

أَخَــذَ الـفِـقْــهَ والحَـدِيــثَ مِــنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وجَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، وعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ، ونَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وقَتَادَةَ بنِ دِعَامَةَ، وعَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، والقَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، ومُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، وعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، والحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، وعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، ومُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، ومَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِيُّ، وعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّام.

وأَخَــذَ مِــنْـــهُ الـفِـقْــهَ والحَـدِيــثَ: أَئِمَّةٌ كُثُرٌ، مِنْهُم: ابْنُهُ؛ حَمَّادُ بنُ أَبِي حَنِيْفَةَ. وإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ؛ وعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ المُقْرِئُ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنَعَانِيُّ، وإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَهُشَيْمُ بنُ بَشِيرٍ، ووَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ، ويَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المِصْرِيُّ، ويَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ الفَقِيهُ، وعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ القَاضِي، وعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وأَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، والفَضْلُ بنُ مُوْسَى، والقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ العُرَنِيُّ، والقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وعَبْدُ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ القُرَشِيُّ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، والقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ ودَاوُدُ الطَّائِيُّ الزَّاهِدُ، وجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ المَخْزُوْمِيُّ؛، وخَلْقٌ كَثِيْرٌ جِدًّا.

صِــفَــتُـــهُ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ جَمِيْلاً، تَعلُوْهُ سُمْرَةٌ، جَهُورِيُّ الصَّوْتِ، حَسَنَ الهَيْئَةِ، كَثِيْرَ التَّعَطُّرِ، وَرِعاً، تَقِيّاً، هَيُوْباً، كَرِيماً فِي أَخْلاَقِهِ، جَوَاداً، طَوِيْلَ الصَّمْتِ، وَافِرَ العَقْلِ، لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ جَوَاباً، ولاَ يَخُوضُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ.

عِـبَــادَتُـــهُ:

- كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يُسَمَّى الوَتَدُ؛ لِكَثْرَةِ صَلاَتِهِ؛ فَكَانَ لاَ يَنَامُ اللَّيلَ، وإِنَّمَا يُحْيِيهِ صَلاَةً وتَضَرُّعاً ودُعَاءً.

- وقِيْلَ أَنَّهُ صَلَّى العِشَاءَ والفَجْرَ بِوُضُوْءِ أَربَعِيْنَ سَنَةً!!

- وخَتَمَ القُرْآنَ سَبْعَةَ آلاَفِ مَرَّة!

- وقَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ فِي رَكْعَةٍ!

- وقَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَه تَعَالَى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ. وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}. [القَمَرُ: 46]، ويَبْكِي، ويَتَضَرَّعُ إِلَى الفَجْرِ.

وَرَعُــــهُ:

- كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ إِذَا أَنفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً، تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا.

- وقَد جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللهِ صَادِقاً أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِيْنَارٍ.

- وقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَوْماً: اتَّقِ اللهَ. فَانْتَفَضَ، واصْفَرَّ، وأَطرَقَ، وقَالَ: جَزَاكَ اللهَ خَيْراً، مَا أَحوَجَ النَّاسَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُوْلُ لَهُم مِثْلَ هَذَا.

- وقَد أَرَادَهُ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَة (أَمِيرُ العِرَاق) عَلَى القَضَاءِ، فَامْتَنَعَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَرَعاً.

- وأراده المَنْصُورُ العَبَّاسِيُّ بَعدَ ذَلِكَ عَلَى القَضَاءِ بِبَغْدَادَ، فَأَبَى، فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ، فَحَلِفَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَفْعَلُ، فَحَبِسَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.

أَقْـــوَالُ الأَئِــمَّـــةِ فِــيْـــهِ:

- رُوِيَ عَنِ الأَعْمَشُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا يُحسِنُ هَذَا النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتٍ الخَزَّازُ، وأَظُنُّه بُورِكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ: أَبُو حَنِيْفَةَ أَفْقَهُ النَّاسِ؛ ومَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَوقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، ولاَ أَحْسَنَ سَمتاً وحِلْماً مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.

- وقَالَ حَيَّانُ بْنُ مُوسَى: سُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَمَالِكٌ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو حَنِيفَةَ؟! قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ.

- وقَالَ القَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ؛ ومَا جَلَسَ النَّاسُ إِلَى أَحَدٍ أَنْفَعَ مِنْ مُجَالَسَةِ أَبِي حَنِيْفَةَ.

- وقَالَ مَالِكٌ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ؛ وهُوَ رَجُلٌ لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَباً، لَقَامَ بِحُجَّتِهِ.

- وقَالَ الحُمَيْدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: شَيْئَانِ مَا ظَنَنْتُهُمَا يُجَاوِزَانِ قَنْطَرَةَ الكُوفَةِ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وفِقْهُ أَبِي حَنِيفَةَ، وقَدْ بَلَغَا الآفَاقَ.

- وقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ.

- وقَالَ جَرِيرٌ: قَالَ لِي مِغَيِرَةُ: جَالِسْ أَبَا حَنِيفَةَ تَفْقَهُ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَالَسَهُ.

- وقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: لاَ نَكذِبُ اللهَ، مَا سَمِعنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وقَدْ أَخَذنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِه.

- وقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ.

- وقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ: حُبُّ أَبِي حَنِيْفَةَ مِنَ السُّنَّةِ.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ: مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيْفَةَ إِلاَّ حَاسِدٌ أَوْ جَاهِلٌ.

- وقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: كَلاَمُ أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، لاَ يَعِيبُه إِلاَّ جَاهِلٌ.

- وقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ ثِقَةً، لاَ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُه، ولاَ يُحَدِّثُ بِمَا لاَ يَحْفَظُ.

- وقَالَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ: لَوْ وُزِنَ عِلْمُ أَبِي حَنِيْفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ، لَرَجَحَ عَلَيْهِم.

- وقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ إِمَامًا.

- وقَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: وقَد فَضَّلَهُ العُلَمَاءُ فِي الفِقْهِ، مِنْهُم القَاسِم وابْنُ مَعِينٍ والشَّافِعِيُّ والمُقْرِئُ وابْنُ مُطِيعٍ والأَوْزَاعِيُّ وابْنُ المُبَارَكِ، ومَنْ يَكْثُر عَدَدُهُ.

- وقَالَ الخَطِيْبُ: إِمَامُ أَصْحَابِ الرَّأْي، وفَقِيْهُ أَهْلِ العِرَاقِ.

- وقَالَ النَّوَوِيُّ: الإِمَامُ البَارِعُ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: الإِمَامُ الأَعْظَمُ؛ فَقِيْهُ المِلَّةِ، عَالِمُ العِرَاقِ؛ الإِمَامَةُ فِي الفِقْهِ ودَقَائِقِهِ مُسَلَّمَةٌ إِلَى هَذَا الإِمَامِ، وهَذَا أَمرٌ لاَ شَكَّ فِيْهِ.

- وقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فَقِيْهُ أَهْلِ العِرَاقِ، وأَحَدُ أَرْكَانِ العُلَمَاءِ.

- وقَالَ الصَّفَدِيُّ: الإِمَامُ العَلَمُ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَقِيْهٌ مَشْهُورٌ.

ومِــنْ أَقْــوَالِـــهِ:

- قَالَ: مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلَى الرَّأْسِ والعَيْنِ، ومَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ، اخْتَرْنَا؛ ومَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُم رِجَالٌ ونَحْنُ رِجَالٌ.

- وقَالَ: إِذَا ارْتَشَى القَاضِي، فَهُوَ مَعْزُوْلٌ، وإِنْ لَمْ يُعْزَلْ.

- وقَالَ: لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثَ إِلاَّ بِمَا يَحْفَظُهُ مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ.

- وقَالَ: عِلْمُنَا هَذَا رَأْيٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قَدِرْنَا عَلَيْهِ فَمَنْ جَاءَنَا بِأَحْسَنِ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ.

وَفَـاتُــــهُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (150 هــ)، ولَهُ سَبْعُوْنَ (70) سَنَةً؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.


-- وبِشَأْنِ مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الأَئِمَّةِ فِي حَقِّ الإِمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ، فَهَذَا كَلاَمٌ مَتِيْنٌ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ردًّا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ يَقُولُ: "اسْتَوْعَبَ الخَطِيْبُ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ "تَأْرِيخِهِ" أَقَاوِيْلَهُم، وفِيْهَا مَا يُقْبَلُ ومَا يُرَدُّ، وقَدِ اعْتَذَرَ عَنْ الإِمَامِ بِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهُ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ بِمَا حَفِظَهُ مُنْذُ أَنْ سَمِعَهُ إِلَى أَنْ أَدَّاهُ، فَلِهَذَا قَلَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وصَارَت رِوَايَتُهُ قَلِيْلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ، وإِلاَّ فَهُوَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ كَثِيْرُ الرِّوَايَةِ؛ وفِي الجُمْلَةِ تَرْكُ الخَوْضِ فِي مِثْلِ هَذَا أَوْلَى، فَإِنَّ الإِمَامَ وأَمْثَالَهُ مِمَنْ قَفَزَ القَنْطَرَةَ، فَمَا صَارَ يُؤَثِّرُ فِي أَحَدٍ مِنْهُم قَوْلُ أَحَدٍ، بَلْ هُم فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي رَفَعَهُم اللهُ تَعَالَى إِلَيْهَا، مِنْ كَوْنِهِم مَتْبُوعِينَ مُقْتَدَى بِهِمُ، فَلْيُعْتَمَدُ هَذَا؛ واللهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ".



 
توقيع : Mr. HATEM
(88) ابْـــنُ جُـــرَيْـــــــجٍ

هُــــوَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ جُرَيْجٍ الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ، أَبُو خَالِدٍ المَكِّيُّ. الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الحَرَمِ، وأَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ بِمَكَّةَ

مَـوْلِــدُهُ: وُلِدَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ (80 هـ).

وكَانَ مِن أَعلَمِ النَّاسِ بِعَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ؛ فَقَد جَالَسَهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.

وجَالَسَ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ تِسْعَ سِنِيْنَ.

وكَانَ مِنْ أَثْبَتِ أَصْحَابِ نَافِعٍ.

طَـلَـبُـــهُ لِـلـعِـلـــم:

- قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وابْنَ جُرَيْجٍ: لِمَنْ طَلبتُمُ العِلْمَ؟ كُلُّهُم يَقُوْلُ: لِنَفْسِي. غَيْرَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: طَلَبْتُهُ لِلنَّاسِ.

- قَالَ ابْنِ جُرَيْجٍ: أَتَيْتُ عَطَاءً، وأَنَا أُرِيْدُ هَذَا الشَّأْنَ، وعِنْدَه عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ لِي ابْنُ عُمَيْرٍ: قَرَأْتَ القُرْآنَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَاذهَبْ، فَاقْرَأْهُ، ثُمَّ اطلُبِ العِلْمَ. فَذَهَبتُ، فَغَبَرتُ زَمَاناً حَتَّى قَرَأْتُ القُرْآنَ، ثُمَّ جِئْتُ عَطَاءً وعِنْدَه عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: قَرَأْتَ الفَرِيْضَةَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَتعلَّمِ الفَرِيْضَةَ، ثُمَّ اطلُبِ العِلْمَ. قَالَ: فَطَلبتُ الفَرِيْضَةَ، ثُمَّ جِئْتُ. فَقَالَ: الآنَ فَاطلُبِ العِلْمَ. فَلَزِمتُ عَطَاءً سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ ثُمَّ جَالَستُ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ بَعْدَ مَا فَرَغتُ مِنْ عَطَاءٍ تِسْعَ سِنِيْنَ.

- قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يَقُوْلُ: مَا دَوَّنَ العِلْمَ تَدوِينِي أَحَدٌ.

أَخَـذَ الـعِـلْــمَ مِـن: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، ونَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، ومُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ، وابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، ومُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، وإِسْمَاعِيْلِ بنِ مُحَمَّدِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وأَيُّوب السِّخْتِيَانِيِّ، وجَعفَرِ بِنْ مَحُمَّدٍ الصَّادِقِ، وحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وحُمَيْدٍ الطَّوِيل، وزَيْدِ بْنِ أَسْلَم، وسَالِمِ بنِ أَبِي أُمَيَّةَ المَدَنِيِّ، وصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وصَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ، وطَاوُوس بْنِ كَيْسَانَ، وعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، وعَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وعَبْدِ اللهِ بنِ كَثِيْرِ الكِنَانِيِّ، وعَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ الجَزَرِيِّ، وعَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ الأَسَدِيِّ، وعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ العُمَرِيِّ، ومُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، ومَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ الجَزَرِيُّ، وهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، وهِشَامِ بْنِ عُروَةَ، ويَحيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ العَبْدَرِيُّ؛، وغَيْرِهِم.

وأَخَـذَ مِـنْــهُ الـعِـلْــمَ الأَئِـمَّــةُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَبْدُ الرَّحمَنِ بْنُ عَمْروٍ الأَوْزَاعِيُّ، ورَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، ويَحيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وأَبُو عَاصِم الضَّحَاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، والنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ووَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ، والوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ووَهِيبُ بْنُ خَالِدٍ، وأَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، واللَّيْثُ بْنُ سَعدٍ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ إِدرِيسَ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعفَرٍ غُنْدَرُ، ويَحيَى بْنُ أَيَّوب المِصْرِيُّ، ويَحيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش، وثَوْر بْنُ يَزِيدَ الحِمْصِّيُّ، وجَعفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ المِصِّيصِييُّ، وحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ؛، وخَلْقٌ سِوَاهُم.

ثَـنَــاءُ الأَئِـمَّــةِ عَـلَـيْــهِ:

- قَالَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ: سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: ابْنُ جُرَيْجٍ.

- وقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ:كُنَّا نُسَمِّي كُتُبَ ابْنِ جُرَيْجٍ، كُتَبَ الأَمَانَةِ.

- وقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنَ العُبَّادِ، كَانَ يَصُوْمُ الدَّهرَ، سِوَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ.

- وقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنَعَانِيُّ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، عَلِمتُ أَنَّهُ يَخشَى اللهَ؛ ومَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَلاَةً مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُوْلُوْنَ: أَخَذَ ابْنُ جُرَيْجٍ الصَّلاَةَ مِنْ عَطَاءٍ، وأَخَذَهَا عَطَاءٌ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وأَخَذَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وأَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

- وقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الحُسَيْنِ: مَا رَأَيْتُ خَلقاً مِنْ خَلقِ اللهِ، أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ جُرَيْج أَحَدَ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.

- وقَالَ يَحيَى بنِ مَعِيْنٍ: ابْنُ جُرَيْجٍ، ثِقَـةٌ فِي كُلِّ مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الكِتَابِ.

- وقَالَ ابْنُ المَدِينِيّ: لَم يَكُنْ فِي الأَرضِ أَحَدٌ أَعلَمَ بِعَطَاءٍ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

- وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيرَ الحَدِيثِ جِدًّا.

- وقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.

- وقال أَبُو زُرعَةَ الرَّازِيُّ: ابْنُ جُرَيْجٍ مِن الأَئِمَّةِ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانٍ: مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وقُرَّائِهِم ومُتْقِنِيهِم.

- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ.

- وقَالَ قِوَامُ السُّنَّةِ: مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الحِجَازِ وقُرَّائِهِم ومُفْتِيهِم.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَحَدُ الأَعْلاَمِ؛ وكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.

- وقَالَ العَلاَئِيُّ: أَحَدُ الأَعْلاَمِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، فَاضِلٌ؛ فَقِيْهُ الحِجَازِ، مَشْهُورٌ بِالعِلْمِ والثَّبْتِ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ.

وَفَــاتُـــهُ: مَاتَ ابْنُ جَرَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (150 هـ)، وقَد عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً (70).

فَسِنُّهُ وسِنُّ أَبِي حَنِيْفَةَ وَاحِدٌ، ومَوْلِدُهُمَا وَمَوتُهمَا وَاحِدٌ؛ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى
 
توقيع : Mr. HATEM
(89) مُـقَـاتِـــــلُ

هُـــــوَ: مُقَاتِلُ بنُ سُلَيْمَانَ البَلْخِيُّ، أَبُو الحَسَنِ. مِن أَعْلاَمِ المُفَسِّرِين، عَلَى ضَعْفِهِ فِي الحَدِيثِ

أَصْلُهُ مِن مِدِينَة بَلْخٍ بِخُرَاسَان، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى البَصْرَة، ودَخَلَ بَغْدَادَ فَحدَّثَ بِهَا.

أَشْهَــر مُصَنَّفَاتِـــهِ: (التَّفْسِير الكَبِير)، وَ (نَوَادِر التَّفْسِيرِ)، وَ (النَّاسِخ والمَنْسُوخ)، وَ (الآيَات المُتَشَابِهَات)، وَ (الوُجُوه والنَّظَائِر فِي القُرآن الكَرِيم)، و (القِرَاآت).

قَـالُــوا عَـنْـهُ:

- قَالَ عَنْهُ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا أَحْسَنَ تَفْسِيْرَهُ لَوْ كَانَ ثِقَةً!

- وقَالَ مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ: مَا وَجَدتُّ عِلْمَ مُقَاتِلٍ إِلاَّ كَالبَحْرِ.

- وقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ عِيَالٌ فِي التَّفْسِيرِ عَلَى مُقَاتِلٍ.

- وقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِالقُرْآنِ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ مِن أَوْعِيَةِ العِلْمِ، بَحْراً فِي التَّفْسِيرِ؛ وهُوَ مَتْرُوك الحَدِيثِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَر: كَذَّبُوهُ وهَجَرُوهُ، ورُمِي بِالتَّجْسِيم.

-- قُلْتُ (حَاتِم): أَجْمَعُواْ عَلَى تَرْكِهِ وهَجْرِهِ فِي الرِّوَايَةِ، ولَكِنَّهُم رَضُوا بِتَفْسِيرِه.

وَفـاتُـــــهُ: مَاتَ مُقَاتِل بِالبَصْرَة سَنَةَ خَمْسِيْنَ ومِائَة (150 هــ).
 
توقيع : Mr. HATEM
(90) ابْـــنُ إِسْـحَــــــــــاقَ

هُـــــوَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ، أَبُو بَكْر القُرَشِيُّ، المَدَنِيُّ. الإِمَام العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ النَّسَّابَة، إِمَام المُؤَرِّخِين والسِّيَر

مِن صِغَار التَّابِعِين، رَأَى أَنَسَ بْن مَالِك (رَضْيَ اللهُ عَنْه)، ولَم يَروِ عَنْه شَيئاً.

هُو أَوَّل مَن جَمَع مَغَازِي رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم، وَهُوَ أَوَّلُ مَن دَوَّنَ العِلْمَ بِالمَدِيْنَة.

مَوْلِدُهُ: وُلِدَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ (80 هـــ)، وزَارَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ ومِائَة (115 هـــ).

كَانَ عَالِماً بِالسِّيَر والمَغَازِي وأَيَّام النَّاس وقَصَص الأَنْبِيَاء، وكَانَ مِن أَحسَن النَّاس سِيَاقاً لِلأَخْبَار وأَحسَنهم حِفْظاً لِمُتُونِهَا.

- قَالَ عَنْهُ الزُّهْرِيّ: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ جَمٌّ مَا دَامَ فِيْهِمُ ابْنُ إِسْحَاق.

- وقَالَ شُعبَة بْن الحَجَّاج: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أَمِير المُحَدِّثِين بِحِفْظِه.

- وقَالَ الشَّافِعِيّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي المَغَازِي، فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاق.

- وقال أبو معاوية الضَّرِير: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ، فَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، فَاسْتَودَعَهَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: احْفَظْهَا عَلَيَّ، فَإِنْ نَسِيتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظتَهَا عَلَيَّ!!

- وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إِلاَّ أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ، إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَبْعَثِهُ، لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ، فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا.


- مِن أشْهَر كُتُبِـــــهِ: (السِّيرَة النَّبَوِيّة) و (المَغَازِي) و (الخُلَفَاء) و (مُبْتَدَأ الخَلْق).


وَفَاتُـــــهُ: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقٍ فِي بَغْدَاد سَنَة خَمْسِين ومَائَة (150 هــ)، ولَهُ سَبْعُون سَنَةً؛، رَحِمَهُ اللهُ.
 
توقيع : Mr. HATEM
(91) مِــسْـــعَـــــــــــــــرٌ

هُـــــوَ: مِسْعَرُ بنُ كِدَامِ بنِ ظُهَيْرِ بنِ عُبَيْدَةَ بنِ الحَارِثِ الهِلاَلِيُّ، أَبُو سَلَمَةَ الكُوْفِيُّ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ العِرَاقِ

رَوَى عَــنْ: عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، وقَتَادَةَ بنِ دِعَامَةَ، وحَبِيبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وسَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، ومُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، ومُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، ومُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ شِهَابٍ، ومُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، وقَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، ووَبْرَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُسْلِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ، وأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وزَيْدٍ العَمِّيِّ، وعُبَيْدِ اللهِ بنِ القِبْطِيِّةِ، ومُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، ومَعْبَدِ بنِ خَالِدٍ، ويَزِيْدَ الفَقِيْرِ؛، وغَيْرِهِم.

ورَوَى عَــنْـــهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ-؛ وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، ويَحْيَى القَطَّانُ، وابْنُ نُمَيْرٍ، وشُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، والخُرَيْبِيُّ، ووَكِيْعٌ، وأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وابْنُ المُبَارَكِ، ومُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَخَلاَّدُ بنُ يَحْيَى؛، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.

ثَــنَـــاءُ الأَئِــمَّـــةِ عَــلَـــيْــــهِ:

- قَالَ الأَعْمَشُ: شَكُّهُ كَيَقِيْنِ غَيْرِهِ.

- وقَالَ وَكِيْعٌ: شَكُّ مِسْعَرٍ كَيَقِيْنِ غَيْرِهِ.

- وقَالَ مَعْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ: مَا رَأَيتُ مِسْعَراً فِي يَوْمٍ إِلاَّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ اليَوْمِ الَّذِي كَانَ بِالأَمْسِ.

- وقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ أَفْضَلُ مِنْ ذَاكَ السِّخْتِيَانِيِّ أَيُّوْبَ، وَذَاكَ الرُّؤَاسِيِّ مِسْعَرٍ.

- وقَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: كُنَّا نُسَمِّي مِسْعَراً: المُصْحَفَ. (يَعنِي: مِنْ إِتْقَانِهِ)

- وقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَثْبَتَ مِنْ مِسْعَرٍ.

- وقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مِسْعَرٌ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيت.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ:

مَنْ كَانَ مُلْتَمِساً جَلِيْساً صَالِحاً ... فَلْيَأْتِ حَلْقَةَ مِسْعَرِ بنِ كِدَامِ

فِيْهَا السَّكِيْنَةُ وَالوَقَارُ، وَأَهْلُهَا ... أَهْلُ العَفَافِ وَعِلْيَةُ الأَقْوَامِ

- وقَالَ يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: كَانَ مِسْعَرٌ قَد جَمَعَ العِلْمَ والوَرَعَ.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيِّ: مَا مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وقَد أُخِذَ عَلَيْهِ، إِلاَّ مِسْعَرٌ.

- وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مِسْعَرٌ أَثْبَتُ، ثُمَّ سُفْيَانُ، ثُمَّ شُعْبَةُ.

- وقَالَ يَحيَى بنُ مَعِينٍ، وأَحمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وأَبُو زُرعَةَ الرَّازِيُّ: ثِّقَةٌ.

- وقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مِسْعَرٌ أَتقَنُ مِنْ سُفْيَانَ، وأَجْوَدُ حَدِيْثاً، وأَعلَى إِسْنَاداً؛ وهُوَ أَتقَنُ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ ثَبْتًا فِي الحَدِيثِ، مُتْقِنًا.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَحَدُ الأَعْلاَمِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

ومِــن أَقْـوَالِـــهِ:

- قَالَ مِسْعَرٌ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ.

- وقَالَ: مَنْ أَبْغَضَنِي، جَعَلَهُ اللهُ مُحَدِّثاً.

- وقَالَ: مَنْ صَبَرَ عَلَى الخَلِّ وَالبَقْلِ، لَمْ يُسْتَعَبْدْ.

- وقَالَ مَرَّةً لِرَجُلٍ رَأَى عَلَيْهِ ثِيَاباً جَيِّدَةً: لَيْسَ هَذَا مِنْ آلَةِ طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ طَالِبَ حَدِيْثٍ.

- وقَالَ: مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ لِنَفْسِهِ، فَقَدِ اكْتَفَى، وَمَنْ طَلَبَهُ لِلنَّاسِ، فَلْيُبَالِغْ.

- وقَالَ: إِنَّ هَذَا الحَدِيْثَ يَصُدُّكُم عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَعَنِ الصَّلاَةِ، فَهَلْ أَنْتُم مُنْتَهُوْنَ؟!

- وأَوْصَى وَلَدَهُ كِدَامًا، فَقَالَ:

إِنِّيْ مَنَحْتُكَ يَا كِدَامُ نَصِيْحَتِي ... فَاسْمَعْ مَقَالَ أَبٍ عَلَيْكَ شَفِيْقِ

أَمَّا المُزَاحَةُ والمِرَاءُ، فَدَعْهُمَا ... خُلُقَانِ لاَ أَرْضَاهُمَا لِصَدِيْقِ

إِنِّيْ بَلَوْتُهُمَا فَلَمْ أَحْمَدْهُمَا ... لِمُجَاوِرٍ جَاراً ولاَ لِرَفِيْقِ

والجَهْلُ يُزْرِي بِالفَتَى فِي قَوْمِهِ ... وعُرُوْقُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ عُرُوْقِ

وَفَــاتُـــهُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (153 هــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 
توقيع : Mr. HATEM
(92) هِــشَـــامٌ الــدَّسْــتُـــــوَائِـــــيُّ

هُـــوَ: هِشَامُ بنُ سَنْبَرٍ البَصْرِيُّ، أَبُو بَكْرٍ الرَّبَعِيُّ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، الثَّبْتُ، المُتْقِنُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ

كَانَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ ثَلاَثَةٍ: قَتَادَةَ، وحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، ويَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ؛ ثَبْتًا مُتْقِناً، لِدَرَجَةِ أَنَّ يَحْيَى القَطَّانَ كَانَ إِذَا سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْهُ، لاَ يُبَالِي أَنْ لاَ يَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِه.

حَــدَّثَ عَـــنْ: أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، ويَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وقَتَادَةَ، والقَاسِمِ بنِ أَبِي بَزَّةَ، وحَمَّادٍ الفَقِيْهِ، وشُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، والقَاسِمِ بنِ عَوْفٍ، ومَطَرٍ الوَرَّاقِ، وعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وعَامِرٍ الأَحْوَلِ، وعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي نَجِيْحٍ، ويُوْنُسَ الإِسْكَافِ، وأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِيِّ، وأَبِي عِصَامٍ البَصْرِيِّ، وعَلِيِّ بنِ الحَكَمِ، وبُدَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ.

وحَــدَّثَ عَــنْـــهُ: ابْنَاهُ: مُعَاذٌ وعَبْدُ اللهِ؛ وشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، وابْنُ المُبَارَكِ، ويَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وعَبْدُ الوَارِثِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وابْنُ عُلَيَّةَ، ويَحْيَى القَطَّانُ، ووَكِيْعٌ، وغُنْدَرٌ، ومُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، وَشَاذُ بنُ فَيَّاضٍ، وعَفَّانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وَمُعَاذُ بنُ فَضَالَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ؛، وخَلْقٌ كَثِيْرٌ.

قَــالُـــواْ عَــنْـــهُ:

- قَالَ يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَأمُرُنَا بِهِشَامِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، ويَحُثُّ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ.

- وقَالَ شُعْبَةُ: مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَقُوْلُ إِنَّهُ طَلَبَ الحَدِيْثَ يُرِيْدُ بِهِ اللهَ، إِلاَّ هِشَاماً؛ وكَانَ أَحْفَظَ مِنِّي عَنْ قَتَادَةَ.

- وقَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ ثَبْتاً.

- وقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: هِشَامٌ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيثِ.

- وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ فَلَمْ أَرَ بِهَا أَفْضَلَ مِن هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ، وحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.

- وقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: هُوَ ثَبْتٌ.

- وقَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: كَانَ مِن أَثْبَتِ النَّاسِ.

- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَحُثُّ عَلَى أَحَدٍ، إِلاَّ عَلَى هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ. وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ والدَّسْتُوَائِيِّ: أَيُّهُمَا أَثْبَتُ فِي يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ؟ فَقَالَ: الدَّسْتُوَائِيُّ، لاَ تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَداً، مَا أَرَى النَّاسَ يَرْوُونَ عَنْ أَحَدٍ أَثْبَتَ مِنْهُ، مِثْلَه عَسَى، أَمَّا أَثْبَتُ مِنْهُ، فَلاَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وسَأَلْتُ عَلِيّاً: مَنْ أَثْبَتُ أَصْحَابِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ؟ قَالَ: هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، ثُمَّ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ؛ فَإِذَا سَمِعْتَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، فَلاَ تُرِدْ بَدَلاً.

- وقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.

- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ، حُجَّةً.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: ثِقَةٌ؛ كَانَ مِنَ المُتْقِنِينَ.

- وقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: شُعبَةُ وهِشَامٌ هُمَا أَثْبَتُ وأَحْفَظُ مَنْ رَوَى عَن قَتَادَةَ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِمَامٌ، مِن كِبَارِ الحُفَّاظِ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

ومِــن كَــلاَمِـــهِ:

- قَالَ هِشَامٌ: لَيْتَنَا نَنْجُو مِنْ هَذَا الحَدِيْثِ كَفَافاً، لاَ لَنَا ولاَ عَلَيْنَا.

- وقَالَ: عَجِبْتُ لِلْعَالِمِ كَيْفَ يَضْحَكُ؟!

- وقَالَ: وَاللهِ مَا أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ إِنِّي ذَهَبتُ يَوْماً قَطُّ أَطْلُبُ الحَدِيْثَ، أُرِيْدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَفَــاتُـــهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (153 هـــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 
توقيع : Mr. HATEM
(93) مَــعـْـــمَـــــــرٌ

هُـــــوَ: مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو عُرْوَةَ الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ اليَمَنِ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، العَالِمُ

مَــوْلِـــدُهُ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وتِسْعِيْنَ (96 هــ).

- شَهِدَ مَعْمَرٌ جَنَازَةَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وطَلَبَ العِلْمَ وهُوَ حَدَثٌ.

- وكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، مَعَ الصِّدْقِ، والتَّحَرِّي، والوَرَعِ، والجَلاَلَةِ، وحُسْنِ التَّصْنِيْفِ.

- وجُمِعَ لَهُ مِنَ الإِسْنَادِ مَا لَمْ يُجْمَعْ لأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ فَقَد حَدَّثَ عَن: أَيُّوْبَ وقَتَادَةَ بِالبَصْرَةِ، وأَبِي إِسْحَاقَ والأَعْمَشَ بِالكُوْفَةِ، والزُّهْرِيِّ وعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ بِالحِجَازِ، ويَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيْرٍ بِالبَصْرَةِ.

- ومَعَ كَوْنِهِ ثِقَةً، ثَبْتاً، فَلَهُ أَوهَامٌ مَعْرُوفةٌ -احْتُمِلَت لَهُ فِي سَعَةِ مَا أَتْقَنَ-؛ لاَ سِيَّمَا لَمَّا قَدِمَ البَصْرَةَ لِزِيَارَةِ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُبُه، فَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِه، فَوَقَعَ لِلْبَصْرِيِّيْنَ عَنْهُ أَغَالِيْطُ؛ وحَدِيْثُ هِشَامٍ وعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَصَحُّ؛ لأَنَّهُمَا أَخَذَا عَنْهُ مِنْ كُتُبِهِ.

حَـــدَّثَ عَــنْ: قَتَادَةَ، والزُّهْرِيِّ، وعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وهَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، وأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، ومُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ القُرَشِيِّ، وعَبْدِ اللهِ بنِ طَاوُوْسٍ، ومَطَرٍ الوَرَّاقِ، وسِمَاكِ بنِ الفَضْلِ، وإِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، وعَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، وعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، ويَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، ومَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، ومُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ؛ وطَبَقَتِهِم.

وحَـــدَّثَ عَــنْـــهُ: أَيُّوْبُ، وأَبُو إِسْحَاقَ، وعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وطَائِفَةٌ مِنْ شُيُوْخِهِ. وسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، والسُّفْيَانَانِ، وابْنُ المُبَارَكِ، ويَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وغُنْدَرٌ، وابْنُ عُلَيَّةَ، وعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وهِشَامُ بنُ يُوْسُفَ، وأَبُو سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، ومَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، ورَبَاحُ بنُ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ ثَوْرٍ؛ وخَلْقٌ سِوَاهُم.

قَــالُـــواْ عَــنْـــهُ:

- قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَلَيْكُم بِمَعْمَرٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي زَمَانِهِ أَعْلَمُ مِنْهُ.

- وقَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ الصَّنْعَانِيُّ: أَقَامَ مَعْمَرٌ عِنْدَنَا عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا رَأَيْنَا لَهُ كِتَاباً. (يَعنِي: كَانَ يُحَدِّثُهُم مِنْ حِفْظِهِ)

- وقَالَ مَالِكٌ: نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ.

- وقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاق: كَتَبْتُ عَنْ مَعْمَرٍ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيثٍ.

- وقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: نَظَرْتُ فِي الأُصُوْلِ مِنَ الحَدِيْثِ، فَإِذَا هِيَ عِنْدَ سِتَّةٍ مِمَّنْ مَضَى: مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ: الزُّهْرِيُّ. وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ. وَمِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ: قَتَادَةُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ. وَمِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشُ. ثُمَّ نَظَرْتُ، فَإِذَا حَدِيْثُ هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ يَصِيْرُ إِلَى أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً: سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وشُعْبَةَ، والثَّوْرِيِّ، وابْنِ جُرَيْجٍ، وأَبِي عَوَانَةَ، ومَالِكٍ، وابْنِ عُيَيْنَةَ، وهُشَيْمٍ، ومَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ، والأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَعْمَرٌ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ.

- وقَالَ يَحيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ مِن أَثْبَتِهِم فِي الزُّهْرِيِّ.

- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ يُضَمُّ إِلَى مَعْمَرٍ أَحَدٌ إِلاَّ وَجْدَتَّهُ فَوْقَهُ.

- وقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ.

- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَعْمَرٌ رَجُلاً لَهُ حِلْمٌ ومُرُوءَةٌ ونُبْلٌ فِي نَفْسِهِ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مِنَ الفُقَهَاءِ المُتْقِنِينَ والحُفَّاظِ المُتَوَرِّعِينَ.

- وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ؛ لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا أَنْبَلَ رِجَالاً مِنْهُ.

- وقَالَ الخَلِيلِيُّ: عَالِمٌ كَبِيرٌ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَحَدُ الأَعْلاَمِ الثِّقَاتِ.

وَفَــاتُـــهُ: مَاتَ مَعْمَرٌ فِي سَنَةِ أَربَعٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (154 هـــ)، وقَد عَاشَ ثَمَانِياً وخَمْسِيْنَ سَنَةً (58)، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 
توقيع : Mr. HATEM
(94) أَبُـــو عَـمْـــرٍو بْـنُ الـعَـــــلاَءِ

هُـــــوَ: زَبَّانُ بْنُ العَلاَءِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ العُرْيَانِ التَّمِيْمِيُّ ثُمَّ المَازِنِيُّ، البَصْرِيُّ. الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ والعَرَبِيَّةِ

كَانَ مِنْ أَشْرَافِ العَرَبِ، واِشْتُهِرَ بِالفَصَاحَةِ والصِّدقِ وسَعَةِ العِلْمِ، وقَد مَدَحَهُ الفَرَزدَقُ فِي قَصِيدَةٍ.

مَـوْلِـــــدُه: وُلِدَ أَبُو عَمْرو فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ (70 هــ).

وقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ وسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِد بْن جَبْر وَعِكْرِمَةَ القُرَشِيّ.

وكَانَ مِن أَعْلَم النَّاسِ بِالقِرَاءاتِ، والعَرَبِيَّةِ، وَالشِّعرِ، وَأَيَّامِ العَرَب، حَتَّى صَارَ إِمَاماً يُرجَعُ إِلَيْهِ.

وأَخَذَ النَّحْوَ عَن: نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ.

وأَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّةَ: الأَصْمَعِيُّ، والخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، وَيُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ اللُّغَوِيُّ، وسِيْبَوَيْه؛ وآخَرُوْنَ.

قَـالُــواْ عَـنْــهُ:

- قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو.

- وقَالَ الأَصْمَعِىُّ: مَا سَمِعتُ أَحَداً يَسْأَلُ أَبَا عَمْرٍو عن شىء فَعَجَزَ عَن جَوَابِهِ، ولاَ سَأَلْتُه أَنَا عَن شَيىٍء إِلَّا وَجَدتُ عِنْدَه مِنْه عِلْماً، ولَقَد سَأَلْتُه عَنْ أَلْفِ مَسْأَلة، فَأَجَابَنِي فِيهَا بِأَلْفِ حُجَّةٍ!

- وقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلِ: هُوَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.

- وقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.

- وقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ النَّسَائِيُّ، وأَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِن أَهْلِ الفَضْلِ مِمَنْ عُنِيَ بِالأَدَبِ والقِرَاءَةِ حَتَّى صَارَ إِمَامًا يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِيهَا ويُقْتَدَى بِاخْتِيَارِهِ مِنْهَا.

- وقَالَ أَبُو المَحَاسِنِ التَّنُوْخِيُّ: كَانَ فَقِيهًا نَحْوِيًّا.

- وقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ والعَرَبِيَّةِ والشِّعْرِ.

- وقَالَ القِفْطِيُّ: إِمَامُ أَهْلِ البَصْرَةِ فِي القِرَاءَةِ والنَّحْوِ، قُدوَةٌ فِي العِلْمِ بِاللُّغَةِ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: صَدُوقٌ؛ حُجَّةٌ فِي القِرَاءَةِ.

ومِن أَقْوَالِــهِ: كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الكَرِيْمِ إِذَا أَهَنْتَه، ومِنَ اللَّئِيمِ إِذَا أَكْرَمْتَه، ومِنَ العَاقِلِ إِذَا أَحرَجْتَه، ومِنَ الأَحمَقِ إِذَا مَازَحْتَه، ومِنَ الفَاجِرِ إِذَا عَاشَرتَه، ولَيْسَ مِنَ الأَدَبِ أَنْ تُجِيْبَ مَنْ لاَ يَسْأَلُكَ، أَوْ تَسْأَلَ مَنْ لاَ يُجِيْبُكَ، أَوْ تُحِدِّثَ مَنْ لاَ يُنْصِتُ لَكَ.

وَفَاتُـــــهُ: مَاتَ أَبُو عَمْرٍو بِالبَصرَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (154 هــ).
 
توقيع : Mr. HATEM
(95) ابْـــنُ أَبــِـي عَـــرُوْبَـــــــةَ

هُـــــوَ: سَعِيْدُ بْنُ مِهْرَانَ العَدَوِيُّ، أَبُو النَّضْرِ اليَشْكُرِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، عَالِمُ أَهْلِ البَصْرَةِ، وأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ السُّنَنَ النَّبَوِيَّةَ

وُلِدَ فِي حَيَاةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ ولاَ يُعرَفُ لَهُ تَارِيخٌ مُحَدَّدٌ.

وكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، إِلاَّ أَنَّهُ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ لَمَّا شَاخَ واخْتَلَطَ؛ وكَانَ مِنَ المُدَلِّسِيْنَ.

حَـــدَّثَ عَـــنْ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، ومُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، والنَّضْرِ بنِ أَنَسٍ، وقَتَادَةَ، وأَبِي نَضْرَةَ العَبْدِيِّ، ومَطَرٍ الوَرَّاقِ، وعَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ؛ وغَيْرِهِم.

وحَــــدَّثَ عَــنْـــهُ الأَئِــمَّـــةُ: شُعْبَةُ، والثَّوْرِيُّ، ويَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، ورَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، والنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، ويَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، ومُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، وأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ -رَاوِي كُتُبِهِ- ومُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ، ويَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، ومُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ؛ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.

مِــنْ أَقْــوَالِـــهِ:

- قَالَ سَعِيْدٌ: مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الاخْتِلاَفَ، فَلاَ تَعُدَّهُ عَالِماً.

- وقَالَ: مَنْ سَبَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ افْتَقَرَ.

أَقْـــوَالُ الأَئِــمَّـــةِ عَــنْـــهُ:

- قَالَ أَبُو عَوَانَةَ اليَشْكُرِيُّ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ.

- وقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ أَحْفَظَ أَصْحَابِ قَتَادَةَ.

- وقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ لِسَعِيْدٍ كِتَابٌ، إِنَّمَا كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ.

- وقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ، ويَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، والنَّسَائِيُّ، والعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.

- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الحَدِيثِ، ثُمَّ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.

- وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.

- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَختَلِطَ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِ قَتَادَةَ.

- وقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مِنَ الثِّقَاتِ، وَلَهُ أَصْنَافٌ كَثِيْرَةٌ، وحَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الإِخْتِلاَطِ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ حُجَّةٌ، ومَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الاخْتِلاَطِ، فَلاَ يُعتَمَدُ عَلَيْهِ؛ وأَروَاهُم عَنْهُ: عَبْدُ الأَعْلَى الشَّامِيُّ، ثُمَّ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ؛ وأَثبَتُهُم فِيْهِ: يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، ويَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ.

- وقَالَ البَزَّارُ: يُحَدِّثُ عَن جَمَاعَةٍ لَم يَسْمَع مِنْهُم، فِإذَا قَالَ: سَمِعتُ، وحَدَّثَنَا، كَانَ مَأْمُونًا عَلَى مَا قَالَ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: أَحَدُ الأَعلاَمِ، إِمَامٌ، حَافِظٌ، عَالِمُ أَهْلِ البَصْرَةِ؛ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ السُّنَنَ النَّبَوِيَّةَ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ، لَهُ تَصَانِيفٌ، كَثِيرُ التَّدلِيسِ، واخَتْلَطَ، وكَانَ مِن أَثْبَتِ النَّاسِ فِي قَتَادَةَ.

وَفَــاتُـــهُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (156 هــ)، وهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ ظَنَّا؛ رَحِمَهُ اللهُ.
 
توقيع : Mr. HATEM
(96) الأَوْزَاعِــــــــيُّ

هُـــــوَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُحْمَدَ، أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ. الإِمَامُ القُدْوَةُ، الفَقِيهُ الحُجَّةُ، الحَافِظُ العَلَمُ، العَابِدُ الزَّاهِدُ، عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ، وأَحَدُ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ عِلْمًا وعَمَلاً

- هُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ بِالشَّامِ، وكَانَ مَعَ بَرَاعَتِهِ فِي العِلْمِ وتَقَدُّمِهِ فِي العَمَلِ، رَأْساً فِي التَّرَسُّلِ.

مَــوْلِـــدُهُ: وُلِدَ الأَوْزَاعِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وثَمَانِيْنَ (88 هـــ).

- وكَانَ يَتِيْماً فَقِيْراً فِي حَجْرِ أُمِّهِ، تَنقُلُهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، يَنْهَلُ مِن أَدَبِ وعِلْمِ عُلَمَائِهَا، حَتَّى عَجَزَتَ المُلُوْكُ أَنْ تُؤَدِّبَ نَفْسَهَا وأَوْلاَدَهَا أَدَبَ الأَوْزَاعِيِّ فِي نَفْسِهِ، فَمَا سُمِعْت مِنْهُ كَلِمَةٌ قَطُّ فَاضِلَةٌ إِلاَّ احْتَاجَ مُسْتَمِعُهَا إِلَى إِثْبَاتِهَا عَنْهُ!

- وكَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ مَشْهُوْرٌ، عَمِلَ بِهِ فُقَهَاءُ الشَّامِ مُدَّةً، وفُقَهَاءُ الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ فَنِيَ.

- وكَانَ كَبِيْرَ الشَّأْنِ بِالشَّامِ، مُعَظَّمًا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَقَد كَانَ أَمْرُهُ فِيهِم أَعَزَّ مِن أَمْرِ السُّلْطَان!

- وقَد أَجَابَ فِي سَبْعِيْنَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ مِن حِفْظِهِ!

- ومَا رُئِيَ بَاكِياً قَطُّ، ولاَ ضَاحِكًا حَتَّى تَبدُوَ نَوَاجِذُهُ، وإِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ أَحْيَاناً، وكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاَةً، وقُرْآناً، وبُكَاءً.

- وأُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ فِي أَيَّامِ يَزِيْد بْنِ الوَلِيدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَروَانَ الأُمَوِيُّ، فَامْتَنَعَ.

- مُتَّفَقٌ عَلَى إِمَامَتِهِ وعَدَالَتِهِ وعِلْمِهِ.

أَمْـــرُهُ بـالـمَــعـــرُوفِ:

كَتَبَ الأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَبِي جَعفَرٍ المَنْصُوْرُ (الخَلِيفَة العَبَّاسِيّ): "أَمَّا بَعدُ، فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، وتوَاضَعْ، يَرْفَعْكَ اللهُ يَوْمَ يَضَعُ المُتَكَبِّرِيْنَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ، واعْلَمْ أَنَّ قَرَابَتَكَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ تَزِيْدَ حَقَّ اللهِ عَلَيْكَ إِلاَّ عِظَماً، ولاَ طَاعَتَهُ إِلاَّ وُجُوبًا".

صَــدعُـــهُ بِـالـحَـــقِّ:

اجتَمَعَ الثَّوْرِيُّ، والأَوْزَاعِيُّ، وعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ الثَّوْرِيُّ لِلأَوْزَاعِيِّ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا عَمْرٍو حَدِيْثَكَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ، وقَتَلَ بَنِي أُمَيَّةَ، جَلَسَ يَوْماً عَلَى سَرِيْرِه، وعَبَّأَ أَصْحَابَهُ أَربَعَةَ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ مَعَهُمُ السُّيُوفُ المُسَلَّلَةُ، وصِنْفٌ مَعَهُمُ الجَزَرَةُ (نَوْعٌ مِنَ السِّلاَحِ لَهُ فَأْسٌ) وصِنْفٌ مَعَهُمُ الأَعمِدَةُ، وصِنْفٌ مَعَهُمُ الكَافِركُوبُ (المِقْرَعَة)، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ.

فَلَمَّا صِرْتُ بِالبَابِ، أَنْزَلُونِي، وأَخَذَ اثْنَانِ بَعْضُدَيَّ، وأَدخَلُونِي بَيْنَ الصُّفُوفِ، حَتَّى أَقَامُوْنِي مُقَاماً يُسْمَعُ كَلاَمِي، فَسَلَّمتُ، فَقَالَ: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ؟!

قُلْتُ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ.

قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟! فَسَأَلَ مَسْأَلَةَ رَجُلٍ يُرِيْدُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلاً، فَقُلْتُ: قَد كَانَ بَيْنَكَ وبَيْنَهُم عُهُودٌ.

فَقَالَ: وَيْحَكَ! اجْعَلْنِي وإِيَّاهُم لاَ عَهْدَ بَيْنَنَا.

فَأَجْهَشَتْ (فَزِعَت) نَفْسِي، وكَرِهَتِ القَتْلَ، فَذَكَرتُ مُقَامِي بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَلَفَظْتُهَا، فَقُلْتُ: دِمَاؤُهُم عَلَيْكَ حَرَامٌ.

فَغَضِبَ، وانْتَفَخَتْ عَيْنَاهُ وأَوْدَاجُهُ، فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ! ولِمَ؟!

قُلْتُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: ثَيِّبٍ زَانٍ، ونَفْسٍ بِنَفْسٍ، وتَارِكٍ لِدِيْنِهِ».

قَالَ: وَيْحَكَ! أَوَلَيْسَ الأَمْرُ لَنَا دِيَانَةً؟!

قُلْتُ: وكَيْفَ ذَاكَ؟!

قَالَ: أَلَيْسَ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟!

قُلْتُ: لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِ، مَا حَكَّمَ الحَكَمَيْنِ.

فَسَكَتَ، وقَدِ اجْتَمَعَ غَضَبًا، فَجَعَلْتُ أَتَوَقَّعُ رَأْسِي تَقَعُ بَيْنَ يَدَيَّ!

فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا. (أَشَارَ بِيَدِهِ لِحُرَّاسِهِ أَنْ أَخْرِجُوْهُ)

فَخَرَجتُ، فَرَكِبتُ دَابَّتِي، فَلَمَّا سِرْتُ غَيْرَ بَعِيْدٍ، إِذَا فَارِسٌ يَتْلُوْنِي، فَنَزَلتُ إِلَى الأَرْضِ، فَقُلْتُ: قَدْ بَعَثَ لِيَأْخُذَ رَأْسِي، أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

فَكَبَّرْتُ، فَجَاءَ -وأَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي- فَسَلَّمَ، وقَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ بِهَذِهِ الدَّنَانِيْرِ، فَخُذْهَا.

فَأَخَذتُهَا، فَفَرَّقتُهَا قَبْلَ أَنْ أَدخُلَ مَنْزِلِي.

كَــرَامَــتُـــهُ:

- قَالَ عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيْسِيُّ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: رَأَيتُ كَأَنَّ مَلَكَينِ عَرَجَا بِي، وأَوْقَفَانِي بَيْنَ يَدَي رَبِّ العِزَّةِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ عَبْدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الَّذِي تَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ؟ فَقُلْتُ: بِعِزَّتِكَ أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَهَبَطَا بِي حَتَّى رَدَّانِي إِلَى مَكَانِي.

- وقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الأَوْزَاعِيِّ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ! أُحَدِّثُكَ بِشَيْءٍ لاَ تُحَدِّثْ بِهِ مَا عِشْتُ: رَأَيتُ كَأَنَّهُ وُقِفَ بِي عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَأُخِذَ بِمِصْرَاعَي البَابِ، فَزَالَ عَنْ مَوْضِعِه، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ يُعَالِجُوْنَ رَدَّهُ، فَرَدُّوْهُ، فَزَالَ، ثُمَّ أَعَادُوْهُ. فَقَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! أَلاَ تُمْسِكُ مَعَنَا؟). فَجِئْتُ حَتَّى أُمْسِكَ مَعَهُم، حَتَّى رَدُّوْهُ.

ثَــنَـــاءُ الأَئِــمَّـــةِ عَــلَـــيْـــــهِ:

- كَانَ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ مُعْجَباً بِهِ، ويَقُوْلُ عَنْهُ: مَا رَأَيتُ فِي هَذَا البَعْثِ أَهدَى مِنْ هَذَا الشَّابِّ!

- وقَالَ أُمَيَّةُ بنُ يَزِيْدَ: كَانَ قَد جَمَعَ العِبَادَةَ والعِلْمَ والقَوْلَ بِالحَقِّ.

- وقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ النَّاسَ فِي سَنَةِ أَربَعِيْنَ ومِائَةٍ يَقُوْلُوْنَ: الأَوْزَاعِيُّ اليَوْمَ عَالِمُ الأُمَّةِ.

- وقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ النَّاسَ فِي سَنَةِ أَربَعِيْنَ ومِائَةٍ يَقُوْلُوْنَ: الأَوْزَاعِيُّ اليَوْمَ عَالِمُ الأُمَّةِ.

- وقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ: الأَوْزَاعِيُّ هُوَ عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ.

- ودَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ والأَوْزَاعِيُّ عَلَى مَالِكٍ، فَلَمَّا خَرَجَا، قَالَ: أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ عِلْماً مِنْ صَاحِبِه، ولاَ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ، والآخَرُ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ. (يَعنِي: الأَوْزَاعِيَّ لِلإِمَامَةِ)

- وقَالَ مَالِكٌ: الأَوْزَاعِيُّ إِمَامٌ يُقتَدَى بِهِ.

- وقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: مَا رَأَيتُ مِثْلَ الأَوْزَاعِيِّ، والثَّوْرِيِّ! فَأَمَّا الأَوْزَاعِيُّ فَكَانَ رَجُلَ عَامَّةٍ، وَأَمَّا الثَّوْرِيُّ فَكَانَ رَجُلَ خَاصَّةِ نَفْسِه، وَلَوْ خُيَّرتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، لاَختَرتُ لَهَا الأَوْزَاعِيَّ. (يُرِيْدُ: الخِلاَفَةَ).

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ: لَوْ قِيْلَ لِي: اخْتَرْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، لاَختَرتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، والأَوْزَاعِيَّ. ولَوْ قِيْلَ لِي: اخْتَرْ أَحَدَهُمَا، لاَختَرتُ الأَوْزَاعِيَّ؛ لأَنَّهُ أَرفَقُ الرَّجُلَينِ.

- وقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: إِنَّمَا النَّاسُ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ بِالبَصْرَةِ، وَالثَّوْرِيُّ بِالكُوْفَةِ، وَمَالِكٌ بِالحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ.

- وقَالَ صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَحْلَمَ ولاَ أَكْمَلَ ولاَ أَحْمَلَ فِيْمَا حَمَلَ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: مَا كُنْتُ أَحْرِصُ عَلَى السَّمَاعِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَنَامِ، والأَوْزَاعِيُّ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَمَّنْ أَحْمِلُ العِلْمَ؟! قَالَ: (عَنْ هَذَا)، وأَشَارَ إِلَى الأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ أَيْضاً: مَا رَأَيتُ أَكْثَرَ اجْتِهَاداً فِي العِبَادَةِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ: إِنَّا لَنَمْتَحِنُ النَّاسَ بِالأَوْزَاعِيِّ، فَمَنْ ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ عَرَفْنَا أَنَّه صَاحِبَ سُنَّةٍ.

- وقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَسْرَعَ رُجُوعًا إِلَى الحَقِّ مِنْهُ.

- وقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ: لاَ أَعلَمُ أَحَداً كَانَ أَنْصَحَ لِلأُمَّةِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَشْبَهَ فِقْهُهُ بِحَدِيْثِهِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.

- وقَالَ الخُرَيْبِيُّ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ.

- وقَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: إِذَا اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ، والأَوْزَاعِيُّ، ومَالِكٌ عَلَى أَمرٍ فَهُوَ سُنَّةٌ.

- وقَالَ الفَلاَّسُ: الأَوْزَاعِيُّ، ثَبْتٌ.

- وقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، مِن خِيَارِ المُسْلِمِينَ.

- وقَالَ ابنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، خَيِّراً، فَاضِلاً، مَأْمُوْناً، كَثِيْرَ العِلْمِ والحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، حُجَّةً.

- وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِمَامٌ مُتَّبَعٌ.

- وقَالَ النَّسَائِيُّ: إِمَامُ أَهْلِ الشَّامِ وفَقِيهِهِم.

- وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: كَانَ فَقِيْهَ أَهْلِ الشَّامِ، وكَانَتْ صَنْعَتُهُ الكِتَابَةَ، والتَّرسُّلَ، ورَسَائِلُه تُؤْثَرُ.

- وقَالَ يَعقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَحَدُ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وعِلْماً ووَرَعاً وحِفْظاً وفَضْلاً وعِبَادَةً وضَبْطاً مَعَ زَهَادَةٍ.

- وقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الأَوْزَاعِيُّ إِمَامٌ.

- وقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: إِمَامُ أَهْلِ الشَّامِ فِي الحَدِيثِ والفِقْهِ.

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِمَامٌ، حَافِظٌ، فَقِيهٌ، زَاهِدٌ.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، جَلِيلٌ، فَقِيهٌ.

ومِــن أَقْــوَالِــــهِ:

- قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَنْ أَطَال قِيَامَ اللَّيْلِ، هَوَّنَ اللهُ عَلَيْهِ وُقُوفَ يَوْمِ القِيَامَةِ.

- وقَالَ: عَلَيْك بِآثَارِ مَنْ سَلَفَ، وإِنْ رَفَضَكَ النَّاسُ، وإِيَّاكَ وآرَاءَ الرِّجَالِ، وإِنْ زَخْرَفُوهُ لَكَ بِالقَوْلِ، فَإِنَّ الأَمْرَ يَنجَلِي، وأَنْتَ عَلَى طَرِيْقٍ مُسْتَقِيْمٍ.

- وقَالَ: لاَ تَذْكُرْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ إِلاَّ بِخَيْرٍ؛ فَالعِلْمُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَا لَمْ يَجِئْ عَنْهُم، فَلَيْسَ بِعِلْمٍ.

- وقَالَ: لاَ يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- إِلاَّ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ.

- وقَالَ: كُنَّا والتَّابِعُوْنَ مُتَوَافِرُوْنَ، نَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ فَوْقَ عَرْشِه، ونُؤمِنُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ.

- وقَالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ شَرًّا، فَتَحَ عَلَيْهِمُ الجَدَلَ، ومَنَعهُمُ العَمَلَ.

- وقَالَ: إِنَّ المُؤْمِنَ يَقُوْلُ قَلِيْلاً، ويَعمَلُ كَثِيْراً، وإِنَّ المُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ كَثِيْراً، ويَعْمَلُ قَلِيْلاً.

- وقَالَ: مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً، إِلاَّ سُلِبَ الوَرَعَ.

- وقَالَ: لاَ يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ، فَقَد خَانَهُم.

- وقَالَ: كَانَ هَذَا العِلْمُ كَرِيْماً، يَتَلاَقَاهُ الرِّجَالُ بَيْنَهُم، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الكُتُبِ، دَخَلَ فِيْهِ غَيْرُ أَهْلِهِ.

- وسُئِلَ عَنِ الخُشُوْعِ فِي الصَّلاَةِ؟! فَقَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وخَفْضُ الجَنَاحِ، ولِيْنُ القَلْبِ، وهُوَ الحُزْنُ، الخَوْفُ.

- وسُئِلَ: مَن الأَبْلَهُ؟! قَالَ: العَمِيُّ عَنِ الشَّرِّ، البَصِيْرُ بِالخَيْرِ.

- وقَالَ: مَا أَخطَأَتْ يَدُ الحَاصِدِ، أَوْ جَنَتْ يَدُ القَاطِفِ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ عَلَيْهِ سَبِيْلٌ، إِنَّمَا هُوَ لِلمَارَّةِ وابْنِ السَّبِيْلِ.

- وقَالَ: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ المَوْتِ، كَفَاهُ اليَسِيْرُ، ومَنْ عَرَفَ أَنَّ مَنْطِقَهُ مِنْ عَمَلِهِ، قَلَّ كَلاَمُهُ.

- ووَعَظَ مَرّةً، فَقَالَ فِي مَوْعِظَتِهِ: "أَيُّهَا النَّاسُ! تَقَوَّوْا بِهَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَصْبَحتُم فِيْهَا عَلَى الهَرَبِ مِنْ نَارِ اللهِ المُوْقَدَةِ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ، فَإِنَّكُم فِي دَارٍ، الثَّوَاءُ فِيْهَا قَلِيْلٌ، وأَنْتُم مُرْتَحِلُوْنَ وخَلاَئِفُ بَعْدَ القُرُوْنِ، الَّذِيْنَ اسْتَقَالُوا مِنَ الدُّنْيَا زَهْرَتَهَا، كَانُوا أَطوَلَ مِنْكُم أَعمَاراً، وأَجَدَّ أَجسَاماً، وأَعْظَمَ آثَاراً، فَجَدَّدُوا الجِبَالَ، وجَابُوا الصُّخُورَ، ونَقَّبُوا فِي البِلاَدِ، مُؤَيَّدِيْنَ بِبَطشٍ شَدِيْدٍ، وأَجسَامٍ كَالعِمَادِ، فَمَا لَبِثَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي أَنْ طَوَتْ مُدَّتَهُم، وعَفَّتْ آثَارَهُم، وأَخْوَتْ مَنَازِلَهُم، وأَنْسَتْ ذِكْرَهُم، فَمَا تُحِسُّ مِنْهُم مِنْ أَحَدٍ، وَلاَ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً، كَانُوا بِلَهوِ الأَمَلِ آمِنِيْنَ، ولِمِيْقَاتِ يَوْمٍ غَافِلِيْنَ، ولِصَبَاحِ قَوْمٍ نَادِمِيْنَ، ثُمَّ إِنَّكُم قَدْ عَلِمْتُم مَا نَزَلَ بِسَاحْتِهِم بَيَاتاً مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ، فَأَصْبَحَ كَثِيْرٌ مِنْهُم فِي دِيَارِهِم جَاثِمِيْنَ، وأَصْبَحَ البَاقُوْنَ يَنْظُرُوْنَ فِي آثَارِ نِقَمِهِ، وزَوَالِ نِعَمِهِ، ومَسَاكِنَ خَاوِيَةً، فِيْهَا آيَةٌ لِلَّذِيْنَ يَخَافُوْنَ العَذَابَ الأَلِيمَ، وعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخشَى، وأَصْبَحتُم فِي أَجَلٍ مَنْقُوْصٍ، ودُنْيَا مَقْبُوْضَةٍ، فِي زَمَانٍ قَدْ وَلَّى عَفْوُهُ، وذَهَبَ رَخَاؤُهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ حُمَةُ شَرٍّ، وصُبَابَةُ كَدَرٍ، وأَهَاوِيلُ غِيَرٍ، وأَرْسَالُ فِتَنٍ، ورُذَالَةُ خَلَفٍ".

وَفَــاتُـــهُ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: رَأَيتُ كَأَنَّ رَيْحَانَةً مِنَ المَغْرِبِ رُفِعَتْ. قَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، فَقَدْ مَاتَ الأَوْزَاعِيُّ. فَكَتَبُوا ذَلِكَ، فَوُجِدَ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ؛ وكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (157 هـــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
 
توقيع : Mr. HATEM
7.png

جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنة إن شاء الله
على ما قدمت

7.png
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
توقيع : مستر فانتاستيك
توقيع : Mr. HATEM
(97) أَبُــو زُرْعَـــةَ الـتُّـجِــيْـــبــِـــيُّ


هُـــــوَ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحِ بنِ صَفْوَانَ التُّجِيْبِيُّ، ثم المِصْرِيُّ. الإِمَامُ الفَقِيْهُ، الرَّبَّانِيُّ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ

أَخَذَ العِلْمَ مِنْ: يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، ورَبِيْعَةَ القَصِيْرِ، وعُقْبَةَ بنِ مُسْلِمٍ، وأَبِي يُوْنُسَ سُلَيْمِ بنِ جُبَيْرٍ؛، وعِدَّةٍ.

- وقَد عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مِصْرَ فَأَبَى!

وأَخَذَ مِنْهُ العِلْمَ: ابْنُ المُبَارَكِ، وابْنُ وَهْبٍ، والمُقْرِئُ، وأَبُو عَاصِمٍ، وهَانِئُ بنُ المُتَوَكِّلِ، وعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى البُرُلُّسِيُّ؛، وآخَرُوْنَ.

ثَــنَـــاءُ الأَئِـمَّــةِ فِـيـــهِ:

- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ: وُصِفَ لِي حَيْوَةُ، فَكَانَتْ رُؤْيتُه أَكْثَرَ مِنْ صِفَتِه.

- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشَدَّ اسْتِخفَاءً بِعَمَلِهِ مِنْ حَيْوَةَ، وكَانَ يُعْرَفُ بِالإِجَابَةِ. (يَعنِي: فِي الدُّعَاءِ)

- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.

- وقَالَ يَحيَى بْنُ مَعِيْنٍ، وأَبُو حَاتِمٍ، وابْنُ سَعْدٍ، والعِجْلِيُّ، ومَسْلَمَةٌ: ثِـقَــةٌ.

- وقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُونُسَ: كَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ وفَضْلٌ.

- وقَالَ الفَسَوِيُّ: شَرِيْفٌ، عَدْلٌ، ثِقَةٌ، رَضِيٌّ.

- وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: ثِقَةٌ، وكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ؛ يُقَالُ: إِنَّ الحَصَاةَ كَانَتْ تَتَحَوّلُ فِي يَدِهِ تَمْرَةً بِدُعَائِهِ!

- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: فَقِيْهُ مِصْرَ، وزَاهِدُهَا، ومُحَدِّثُهَا.

- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، فَقِيْهٌ، زَاهِدٌ.

- وقَالَ السُّيُوطِيُّ: الفَقِيْهُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، أَحَدُ الزُّهَّادِ والعُلَمَاءِ السَّادَةِ.

ومِـن كَـرَامَـتِـــهِ:

- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ حَيْوَةُ يَأْخُذُ عَطَاءَهُ فِي السَّنَةِ سِتِّيْنَ دِيْنَاراً، فَلَمْ يَطلع إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا، ثُمَّ يَجِيْءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَجِدَهَا تَحْتَ فِرَاشِه! وبَلغَ ذَلِكَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ، فَأَخَذَ عَطَاءهُ، فَتَصَدَّقَ بِهِ كُلَّهِ، وجَاءَ إِلَى تَحْتِ فِرَاشِه، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً. فَشَكَا إِلَى حَيْوَةَ، فَقَالَ: أَنَا أَعْطَيْتُ رَبِّي بِيَقِيْنٍ، وأَنْتَ أَعْطَيْتَه تَجرِبَةً.

- وقَالَ خَالِدٌ الفَزْرِ: كَانَ حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ مِنَ البَكَّائِينَ، وكَانَ ضَيِّقَ الحَالِ جِدّاً (يَعنِي: فَقِيْراً مِسْكِيْناً)، فَجَلَسْتُ وهُوَ مُتَخَلٍّ يَدْعُو، فَقُلْتُ: لَوْ دَعَوتَ اللهَ أَنْ يُوْسِعَ عَلَيْكَ؟! فَالْتَفَتَ يَمِيْناً وشِمَالاً، فَلَمْ يَرَ أَحَداً، فَأَخَذَ حَصَاةً، فَرَمَى بِهَا إِلَيَّ، فَإِذَا هِيَ تِبرَةٌ (قِطعَةٌ صَغِيْرَة مِنَ الذَّهَبِ) فِي كَفِّي، واللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، وقَالَ: مَا خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِلآخِرَةِ؛ ثُمَّ قَالَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصلِحُ عِبَادَه. فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ؟! قَالَ: اسْتَنْفِقْهَا. فَهِبْتُهُ -واللهِ- أَنْ أَرُدَّهَا.

وَفَــاتُـــهُ: تُوُفِّيَ حَيْوَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وخَمْسِيْنَ ومِائَةٍ (158 هــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ.
 
توقيع : Mr. HATEM
جزاك الله خيراً وأحسن إليك على ما قدمت
 
توقيع : رضا سات
عودة
أعلى