(58) السِّيرة النَّبَوية
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. (سورة الأحزاب: 21)
تَــمْــهِــيـــدٌ
وَصَل البَشَر في فترة انقطاع الرُّسل (بين عِيْسَى ومُحَمَّد عليهما الصَّلاة والسَّلام) إلى درجة كبيرة من التّخبط والضّياع، فكانت رسالة محمد صلى اللهُ عليه وسلم، وهي جامعة الرِّسالات وخاتمتها، وناسخة لما قبلها، وكانت لبني البَشَر كافة، قال اللهُ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}. (سورة سبأ: 28)؛ وهي لكل زمان ومكان، لذا لا بدّ أن يكون صاحبها على درجة تؤهله لحمل هذه الرسالة، فاختاره اللهُ بخصائص لم تكن لغيره.
فمِن خَصَائِص نَبِيِّنَا مُحَمَّد صلى اللهُ عليه وسلم:
- اختاره اللهُ من العرب وهي أُمَّة وَسَط، وجعله في قُريش أفضل قبائل العرب، وجعل نَسَبه في أشرف قريش (بنو هاشم).
- بلاده في موقع وسط، يمكن أن تنطلق منها الدَّعوة إلى جميع الجهات.
- اختاره اللهُ من أمة قل أنبياؤها، لتكون له قيمة عظيمة.
- بَعَثه اللهُ على فترة متباعدة من الرُّسل، لتتهيأ له النفوس، وتنتظره؛ قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ}. (سورة المائدة: 19)
- أخبر اللهُ في الكُتب السّماوية بمَبْعَث مُحَمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام.
- اختاره اللهُ من شعب أقرب إلى البَدَاوة التي لم تفسده المَدَنِية والحضارة.
- اختاره اللهُ من شعب أُمِّي، لم يعرف الفلسفة والمعارف والعلوم.
- جعل اللهُ سيرته معروفة تماماً بكل تفاصيلها، حتى يكون قدوة لغيره.
- سِيرته جامعة تشمل جميع نواحي الحياة.
- سِيرته عملية، وواقعية، ويستطيع الناس ممارستها في كل زمان ومكان.